اخبار العرب -كندا 24: الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 05:27 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- نجد بطاريات أيون الليثيوم في كل شيء، من الهواتف الذكية إلى السيارات. ورغم أنها آمنة عمومًا في حال تمّ تخزينها وشحنها بطريقة صحيحة، إلا أنّ هناك آلاف الحالات الموثقة لاشتعالها، وأحيانًا بعواقب مميتة.
وتحتوي بطاريات أيون الليثيوم على إلكتروليتات قابلة للاشتعال، وهي محاليل سائلة من أملاح الليثيوم مذابة في مذيبات عضوية تسمح بتدفق الشحنة الكهربائية. ويمكن أن تصبح هذه البطاريات غير مستقرة في ظل ظروف معينة، مثل الضرر المادي كالثقب، أو الشحن الزائد، أو التعرّض لدرجات حرارة قصوى، أو عيوب التصنيع.
وعندما تسوء الأمور، قد ترتفع حرارة البطارية وتشتعل بسرعة كبيرة، لتدخل في تفاعل متسلسل خطير يُعرف باسم "الهروب الحراري".
ويعد قطاع الطيران التجاري عرضة بشكل خاص لهذه المشكلة، نظرًا لانتشار الأجهزة التي تعمل بالبطاريات على متن الطائرات، ولخطورة اندلاع حريق في مقصورة الركاب أو عنبر الشحن.
وفي الولايات المتحدة، تحظر إدارة الطيران الفيدرالية منذ فترة طويلة حمل بطاريات أيون الليثيوم الاحتياطية داخل الأمتعة المسجّلة، وتلزم بأن تبقى جميع البطاريات المحمولة على متن الطائرة في متناول اليد.
قد يهمك أيضاً
وقد سجلت الإدارة 89 حادثة متعلقة بالبطاريات شملت دخانًا أو حريقًا أو حرارة شديدة على متن طائرات الركاب والشحن في العام 2024، و38 حادثة في النصف الأول من العام 2025.
وقد تؤدي هذه الحوادث إلى الفقدان الكامل للطائرة، مثل طائرة إيرباص A321 التي التهمتها النيران في يناير/كانون الثاني الماضي في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية. ويرجّح المحققون أن الحريق بدأ بسبب بنك طاقة مخزّن في إحدى الخزائن العلوية، ما دفع بعض شركات الطيران إلى حظر هذه الأجهزة.
قد يهمك أيضاً
لكن مخاطر "الهروب الحراري" لا تقتصر على الطائرات، بل تمتد إلى المنازل أيضًا، التي تعد عرضة بشكل خاص لحرائق بطاريات الدراجات الكهربائية أو السكوترات الكهربائية، وكذلك إلى مختلف أنواع الأعمال التجارية.
وقد أظهر استطلاع أجرته شركة التأمين "Aviva" في العام 2024، شمل أكثر من 500 شركة في المملكة المتحدة، أن ما يزيد قليلًا على نصفها شهد حوادث مرتبطة ببطاريات أيون الليثيوم، مثل الشرر أو الحرائق أو الانفجارات.
ويعمل باحثون في جميع أنحاء العالم على حل هذه المشكلة من خلال تطوير بطاريات أكثر أمانًا، على سبيل المثال باستبدال الإلكتروليت السائل بآخر صلب أو هلامي أكثر مقاومة للاشتعال. غير أن مثل هذه الحلول تتطلب تغييرات كبيرة في خطوط الإنتاج الحالية، الأمر الذي يُشكّل عائقًا أمام اعتمادها على نطاق واسع.
والآن، اقترح فريق من الباحثين في جامعة هونغ كونغ الصينية تعديلًا على تصميم بطاريات أيون الليثيوم يمكن دمجه بسرعة في أساليب التصنيع الحالية، لأنه يقتصر ببساطة على استبدال المواد الكيميائية في محلول الإلكتروليت القائم.
وقد جرى تفصيل هذه الطريقة في وقت سابق من هذا العام في دراسة قادتها يو صن، الباحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة فرجينيا للتقنية، التي قالت: "أعتقد أن أصعب ما يمكن على الناس إدراكه بشأن البطاريات أنك عندما تحاول تحسين الأداء، فإنك أحيانًا تضحّي بالسلامة"، موضحة أن زيادة الأداء تتطلب التركيز على التفاعلات الكيميائية التي تحدث في درجة حرارة الغرفة، بينما تركز زيادة السلامة على التفاعلات التي تحدث عند درجات حرارة مرتفعة.
وأضافت: "لذلك توصّلنا إلى فكرة كسر هذا التعارض من خلال تصميم مادة حسّاسة لدرجة الحرارة، يمكنها أن توفر أداءً جيدًا عند درجة حرارة الغرفة، وفي الوقت ذاته تمنح استقرارًا جيدًا عند درجات الحرارة العالية".
وتبدأ حرائق البطاريات عادةً عندما يتحلّل جزء من الإلكتروليت تحت الضغط ويطلق حرارة في تفاعل متسلسل. ويعتمد تصميم صن وزملائها على إلكتروليت جديد يحتوي على مذيبين لإيقاف هذا التفاعل المتسلسل فورا.
وعند درجة حرارة الغرفة، يحافظ المذيب الأول على تماسك البنية الكيميائية للبطارية، ما يحسّن الأداء. لكن إذا بدأت البطارية في السخونة، يتولى المذيب الثاني المهمة، إذ يمنع نشوب حريق من خلال إرخاء تلك البنية وإبطاء التفاعلات التي قد تؤدي إلى الهروب الحراري.
في اختبارات مخبرية، ارتفعت درجة حرارة بطارية بهذا التصميم الجديد، بعد ثقبها بمسمار، بمقدار 3.5 درجات مئوية فقط، مقارنةً بارتفاع حاد بلغ 555 درجة مئوية في بطارية تقليدية. ويؤكد الباحثون أنه لا يوجد أي تأثير سلبي على أداء البطارية أو متانتها، كما احتفظت بأكثر من 80% من سعتها بعد 1,000 دورة شحن.
من جانبه، قال يي-تشون لو، أستاذ الهندسة الميكانيكية وهندسة الأتمتة في جامعة هونغ كونغ الصينية وأحد مؤلفي الدراسة: "بما أن ابتكارنا يتمثل في الإلكتروليت، فيمكن تطبيقه بسهولة على الأنظمة التجارية المتاحة، كل ما عليك فعله هو استبدال الإلكتروليت بالإلكتروليت الجديد".
وشرح لو أنه "في عملية التصنيع، يتمثّل الجزء الأكثر صعوبة بالأقطاب الكهربائية، أي الجزء الصلب. أما الإلكتروليت الذي قاموا باستبداله فهو سائل، لذا يمكن حقنه مباشرة داخل الخلية من دون الحاجة إلى معدات أو عملية تصنيع جديدة".
وأشار لو إلى أن الوصفة الكيميائية الجديدة سترفع تكلفة التصنيع بشكل طفيف، لكنه قال إنه عند الإنتاج على نطاق واسع ستكون الأسعار "متقاربة جدًا" من أسعار البطاريات الحالية.
ويهتم الباحثون بمتابعة الفكرة تجاريًا، وهم حاليًا في نقاشات مع مصنّعي البطاريات لطرح التصميم في السوق، وهو ما قد يستغرق ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، بحسب لو.

وخلال الاختبارات، صنع الباحثون بطارية بحجم كافٍ لتشغيل جهاز لوحي، لكن لو أوضح أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من "التحقق" لتوسيع نطاق التصميم إلى الأحجام المطلوبة للسيارات، على سبيل المثال.
وأعرب باحثون في مجال سلامة بطاريات الليثيوم، ممن لم يشاركوا في الدراسة، عن آراء إيجابية حول العمل عند تواصل CNN معهم للتعليق.
وقال دونال فاينيغان، كبير العلماء في المختبر الوطني الأميركي للطاقة المتجددة، إن التصميم الجديد يعد تطورًا مثيرًا، إذ يترجم إلى بطارية أكثر أمانًا يمكنها تحمّل الظروف الحارة وحدوث قصر كهربائي من دون التسبب في حريق.
وأضاف فاينيغان: "إن محلول الإلكتروليت المختار بعناية قابل للتوسيع ولا يعيق عمر دورات البطارية، ما يساعد على إزالة العديد من العوائق أمام اعتماده الواسع في أنظمة البطاريات التجارية".
وأوضح غاري كوينغ، أستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة فرجينيا، أن الدراسة استكشفت مجموعة من تراكيب الإلكتروليت ووجدت خيارات تحقق توازنًا بين قدرة خلايا البطارية على الاستمرار لعدد كبير من الدورات والحفاظ على الاستقرار عند درجات حرارة أعلى.
قد يهمك أيضاً
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




