اخبار العرب -كندا 24: الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 05:03 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تتّسم تجربة الرسّامة اللبنانيّة راوية زنتوت بطابع تشكيلي خارج القوالب الكلاسيكية في الرسم، إذ تبتعد عن الأساليب التقليدية، ولا تتعامل مع اللوحة كمساحة مسطّحة، بل كبنية تتكوّن تدريجيًا عبر الطبقات والحركة واللون.
منح هذا الخيار الفني أعمالها طابعًا حسّيًا خاصًا، يميّزها ضمن المشهد المعاصر، ويجعل التجربة البصرية مرتبطة بالإحساس بقدر ارتباطها بالشكل.
تصف زنتوت، في مقابلة مع موقع CNN بالعربيّة، تطوّر أسلوبها الفني كرحلة عضوية وطبيعية لم تخطّط لها بقدر ما كانت استجابة داخلية لحاجتها إلى التعبير العاطفي العميق. فمنذ بداياتها، شعرت بأنّ السطوح المسطّحة لا تكفي لاحتواء ما ترغب بنقله من إحساس، فكان انجذابها الدائم نحو الملمس والحركة دافعًا لاعتماد تقنية الطبقات المتعددة. ومن خلال دمج الأكريليك، والمعاجين، ومواد مختلفة، اكتشفت وسيلة تمنح لوحاتها عمقًا ماديًا يوازي العمق الشعوري الذي تسعى إليه.

تبدأ زنتوت لوحاتها عادة ببناء الملمس قبل اللون، معتبرة أنّ على السطح أن يكون حيًا منذ اللحظة الأولى. بعد ذلك، تتراكم الألوان تدريجيًا، وتترك للعمل أن يتطوّر بشكل حدسي، طبقة بعد أخرى، من دون فرض مسار مسبق.
لكنّها ترى أن التحدي الأكبر في هذا الأسلوب يكمن في معرفة اللحظة المناسبة للتوقف. فمع تعدد الطبقات، يبقى خطر المبالغة حاضرًا دومًا. لذلك تعتمد على التراجع خطوة إلى الخلف، ومراقبة العمل، والإصغاء إليه، كما لو أن اللوحة نفسها تُملِي إيقاعها النهائي.
فلا يُبنى التوازن على قواعد ثابتة، بل على الخبرة والحدس، حيث يتكامل اللون مع الملمس، وتخدم كل طبقة الانسجام العام للعمل.

أما الألوان، فهي برأيها لغة قائمة بذاتها؛ لا تختارها وفق نظريات أو قواعد تقليدية، بل تنطلق من الإحساس الأولي الذي يولد مع كل لوحة.
وعن تكرار بعض الألوان في أعمالها، تقول: "لهذه الألوان دلالات شعورية واضحة؛ فالأزرق يعكس السكينة والعمق، والأحمر يعبّر عن الطاقة والكثافة، والذهبي يرمز إلى الضوء والأمل. فاللون ليس عنصرًا تزيينيًا، بل وسيلة تعبير صريحة عمّا أحسّ به من عاطفة ومشاعر".
وتلفت الفنانة التشكيلية إلى أن الطبيعة تلعب دورًا محوريًا في تشكيل عالمها البصري، لا سيما المناظر والانعكاسات الضوئية في جنوب فرنسا. فالبحر، والضوء، وإيقاع المكان، جميعها تتسرّب إلى أعمالها، من دون أن تتحوّل إلى مناظر واقعية. فهي لا ترسم الطبيعة كما تراها العين، بل كما تشعر بها الروح.

وعند الحديث عن تطوّرها الفني، تشير زنتوت إلى أن بداياتها كانت مرحلة بحث وتجريب، قبل أن يصل أسلوبها إلى درجة من الثقة والتعبير الشخصي العميق. وقد تأثّرت تحديدًا بروّاد المدرسة الانطباعية، وفي مقدمتهم الرسّام الفرنسي كلود مونيه، الذي ألهمها بفهمه العميق للضوء والحركة والجو العام، ومن خلاله تعلّمت أن الإحساس يمكن أن يُنقل عبر اللون والملمس، لا عبر الشكل الدقيق.
وفي ما يتعلّق بالفجوة الجندرية التي لا تزال قائمة في سوق الفن، حيث تُقدَّر أعمال النساء في كثير من الأحيان بأقل من قيمتها مقارنة بأعمال الرجال، لا تغفل زنتوت هذا الواقع، لكنها تعبّر عن أملها في تغيّره تدريجيًا، مشدّدة على أن المسؤولية تقع أيضًا على عاتق الفنانات أنفسهن، من خلال الحضور، والثقة، والاستمرارية.

تختلف مقاربتها الفنية عند العمل الموجّه للأطفال الذي تطغى عليه العفوية والخفة واللعب، عن الأعمال المخصصة للمعارض أو الجمهور البالغ، التي تتّسم بعمق تأملي وطبقات أكثر كثافة. إلا أنّ الطاقة الإيجابية تبقى عنصرًا ثابتًا في جميع أعمالها.
وعن معرضها الأخير في العاصمة اللبنانيّة بيروت، ترى زنتوت أنه يمثّل مرحلة أكثر نضجًا في مسيرتها، إذ يستكشف مفهوم الطاقة، لا سيما الطاقة الإيجابية في زمن يطغى عليه عدم اليقين. وتصف المجموعة بأنها أكثر جرأة، وملمسها أوضح وأقوى، بالتوازي مع تباينٍ لافت بين الهدوء والاضطراب، في تعبير عن مرحلة فنية متكاملة
كما تعتبر التفاعل مع جمهور المعارض تجربة غنية ومُلهمة، إذ تكشف لها ردود الفعل أحيانًا قراءات لم تكن واعية لها أثناء العمل، ما يفتح أمامها آفاقًا جديدة، لأنّ الفن برأيها تجربة شعورية مشتركة بين الفنان والمتلقي.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير



