الأحد 28 ديسمبر 2025 09:28 صباحاً صدر الصورة، Penguin Random House
-
- Author, كلير ماكهيو
- Role, بي بي سي نيوز
-
قبل 8 دقيقة
تعتبر زوجة ابن ونستون تشرشل الأرستقراطية وصديقته المقربة، باميلا هاريمان، امرأة جدلية، فبعد عقود من وفاتها، لا تزال تنقسم الآراء حولها - هل كانت قوية وذكية، أم "وقحة" و"مثيرة للاشمئزاز"؟
يمكنك أن تطلق عليها أيا من أسمائها الستة: باميلا، بيريل، ديغبي، تشرشل، هايوارد، هاريمان - أرستقراطية بريطانية انتهى بها الأمر إلى لاعبة قوية في واشنطن وأن تصبح السفيرة الأمريكية في فرنسا، بعد أن لمست حياة العديد من المشاهير في السياسة والثقافة في القرن العشرين.
عندما كانت في العشرين من عمرها فقط، تعامل معها والد زوجها ونستون تشرشل باعتبارها "سلاحه السري الأكثر جاهزية والتزاما" (كما تقول سيرة ذاتية جديدة)، وخلال الحرب العالمية الثانية - كانت تشرب الخمر وتتناول العشاء وتغوي العديد من الأمريكيين المهمين، لتكسبهم إلى الجانب البريطاني ضد النازيين.
وفي وقت لاحق، أثرت على شخصيات عامة مشهورة بما في ذلك كينيدي و بيل كلينتون و نيلسون مانديلا و الروائي الأمريكي ترومان كابوتي - الذي سخر منها في النهاية في رواياته، إلى جانب نساء أخريات.
صدر الصورة، Getty Images
لقد مر أكثر من 27 عاما منذ وفاة باميلا هاريمان، إثر إصابتها بنزيف دماغي أثناء السباحة في فندق ريتز في باريس، ومع ذلك تظل شخصية مثيرة للانقسام، كما يتضح من ردود الفعل المتنوعة على السيرة الذاتية الجديدة للكاتبة سونيا بورنيل، التي جاءت بعنوان: "صانعة الملوك: حياة باميلا هاريمان المذهلة المليئة بالقوة والإغراء والمكائد".
بالنسبة للبعض، يُقرأ الكتاب باعتباره تقديرا لحياة شخصية مؤثرة عاشتها بجرأة وذكاء وطموح في بريطانيا، وأماكن أخرى في أوروبا والولايات المتحدة. ويرى آخرون أنه يشيد بشكل غير ملائم بامرأة "أغوت العديد من الشخصيات" لتعزيز مكانتها، ويقولون إن تأثيرها السياسي مبالغ فيه.
ولدت باميلا لأب من صغار النبلاء في عام 1920، ونشأت على "الزواج الجيد" (الزواج من أجل كسب الثروة أو المكانة)، لكنها فشلت في العثور على زوج خلال أول فترة لها في لندن في عام 1938. ووصفت الروائية نانسي ميتفورد، كبرى بنات عائلة ميتفورد الشهيرة، باميلا المراهقة بأنها "فتاة وثَّابة صغيرة ذات شعر أحمر".
وفي العام التالي اتصل راندولف تشرشل، الابن الوحيد لـ وينستون تشرشل الشهير، بالفتاة باميلا ليطلب منها موعدا. وكان راندولف مقتنعا بأنه سيُقتل في الحرب التي أُعلنت للتو، ومن ثم كان حريصا على إنجاب ابن يحمل اسمه. وخلال العشاء مع باميلا، فهم ما يريده منها بسرعة.
وكتبت مؤلفة السيرة الذاتية سونيا بورنيل: "لم يكن يحبها.. لكنها بدت بصحة جيدة بما يكفي لتحمل طفلا له". وقبلت باميلا - التي كانت حريصة على الفرار من حياة مملة للغاية مع والديها في أعمق مناطق دورست - بالصفقة.
صدر الصورة، Getty Images
لقد نجح رهانها، وإن لم يكن في السعادة الزوجية. كان راندولف، المثير للمشاكل، يعاملها بازدراء قبل وبعد ولادة طفلها ونستون. ولكن بمجرد أن أصبح والد زوجها رئيسا للوزراء في مايو/ أيار من عام 1940، فازت باميلا بفرصة ثمينة. قالت لاحقا: "لم تتح الفرصة لأحد أبدا لرؤية السياسة من الداخل بقدر ما فعلت".
وقفت بريطانيا في ذلك الوقت بمفردها ضد آلة الحرب النازية، وكان تشرشل في حاجة ماسة إلى مساعدات عبر الأطلسي، والتي لم تكن قادمة على الفور. بعد سقوط باريس، كشفت استطلاعات الرأي أن الناخبين الأمريكيين كانوا أقل حرصا من ذي قبل على الانضمام إلى قضية الحلفاء.
كانت باميلا تعرف حجم المخاطر. "إذا دخلت الولايات المتحدة الحرب، فإن الحرب ستكون آمنة. طالما لم يدخلوا في الحرب، فإن الأمر سيكون محفوفا بالمخاطر"، كما تذكر لاحقًا.
كان تشرشل يحب زوجة ابنه المرحة ذات البشرة الندية. لقد تفاوض على أن تزين صورة جذابة لباميلا مع ابنها الرضيع (التي التقطها سيسيل بيتون، المصور المفضل للعائلة المالكة) غلاف مجلة لايف، أوسع مجلة في الولايات المتحدة آنذاك انتشارا. كما طلب من حليفه اللورد بيفربروك تمويل شراء خزانة ملابس جديدة لها.
لقد أطرت على أول مبعوث أرسله الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت إلى بريطانيا، هاري هوبكنز، الذي وصفها بأنها "لذيذة". وعندما جاء الثري، أفيريل هاريمان، إلى لندن في مارس/ آذار عام 1941 لإدارة برنامج المساعدات، شريان الحياة الذي كان تشرشل في أمس الحاجة إليه، حرصت باميلا على التعرف عليه.
بعد أن دخلت باميلا، التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 21 عاما، في علاقة غرامية مع هاريمان المتزوج، البالغ من العمر 49 عاما، كان رئيس الوزراء حريصا على معرفة ما كان هاريمان يقوله ويفعله، وكان يسأل باميلا على تفاصيل علاقتهما.
في مراجعة لكتاب "صانعة الملوك" أعدها لصحيفة التايمز، يرفض روجر لويس فكرة أن باميلا كانت تغذي والد زوجها بمعلومات استخباراتية حيوية، ويصفها بأنها "مرتزقة مهووسة بالجنس".
صدر الصورة، Alamy
يقول فرانك كوستيليولا، أستاذ التاريخ في جامعة كونيتيكت ومؤلف كتاب "تحالفات روزفلت المفقودة: كيف ساعدت السياسة الشخصية في بدء الحرب الباردة"، لبي بي سي: "كانت باميلا من الأصول الهائلة لتشرشل نظرا لأهمية المعلومات في زمن الحرب. والتفكير بخلاف ذلك هو جهل بالتاريخ، وقد يعتبر كراهية للنساء".
يتذكر الصحفي هاريسون سالزبيري أنه خلال الحرب العالمية الثانية في لندن، "كان الجنس عالقا في الهواء مثل الضباب". لذلك لم تكن باميلا شاذة في إقامة علاقة جنسية مع شريك جديد، على الرغم من أنها ربما كانت شاذة في تواتر حدوث ذلك.
وتضمنت القائمة (الجزئية) لعشاقها إدوارد آر مورو، المذيع في شبكة سي بي إس، والجنرال فريد أندرسون، قائد قوة القصف الأمريكية، والعقيد جوك ويتني، ضابط الاستخبارات الأمريكي في مكتب الخدمات الاستراتيجية، ورئيس مورو في شبكة "سي بي إس" بيل بالي، الذي كان أحد مستشاري الجنرال دوايت د. أيزنهاور.
لا تزال المعلومات التي نقلتها باميلا إلى تشرشل ــ أو ما طلب منها أن تخبر به الأمريكيين النافذين الذين كانت على علاقة حميمة بهم ــ غير معروفة، ولكن سونيا بورنيل تكتب: "كانت أحاديثها الجانبية تصل إلى آذان القادة، وتؤثر على السياسات رفيعة المستوى على جانبي الأطلسي".
وفي مراجعته، يصف روجر لويس هذا بأنه "مبالغة"، رغم أنه من الجدير بالذكر أنه عندما علم راندولف تشرشل في النهاية بخيانة زوجته له مع هاريمان، وبخ والديه على تواطؤهما.
الحلم الأمريكي
بعد طلاقها من زوجها بعد الحرب، هاجرت باميلا إلى باريس، وأصبحت جزءا من مجموعة عالمية نافذة، حيث أقامت علاقات غرامية مع قائمة من الرجال الأثرياء، بمن في ذلك الأمير علي خان، جياني أغنيلي، وإيلي دي روتشيلد.
كان هؤلاء العشاق يمولون أسلوب حياتها الفاخر، لكن لم يوافق أي منهم على الزواج منها. ومع اقترابها من الأربعين، أقنعت ليلاند هايوارد، المنتج الناجح في برودواي وهوليوود، بترك زوجته الساحرة نانسي الملقبة بـ "سليم" أو "Slim" من أجلها.
كانت باميلا هايوارد، كما كانت تُدعى آنذاك، والسيدة نانسي الملقبة بـ"سليم كيث" ـ المتزوجة الآن من المصرفي والأرستقراطي البريطاني كينيث كيث ـ من بين "مجموعة البجع العابرة للقارات" التي وصفها الكاتب ترومان كابوتي لأول مرة في عدد أكتوبر/تشرين الأول 1959 من مجلة "هاربرز بازار".
كانت سيدات المجتمع الغنيات والجميلات والأنيقات للغاية يحببن كابوتي، ويعتمدن عليه كرفيق ومؤتمن ـ إلى أن كشف عن أسرارهن علناً.
صدر الصورة، Getty Images
لورانس ليمر، مؤلف كتاب "نساء كابوتي: قصة حقيقية عن الحب والخيانة ونهاية عصر"، يصف باميلا بأنها "غريبة الأطوار".
يقول ليمر لبي بي سي: "كان يعلم أنها يمكن أن تكون وقحة، وأن تحصل على رجل وتحتفظ به. لكنها كانت أيضا مثيرة للاهتمام وساحرة، واتضح أنها زوجة رائعة".
تدهورت المكانة المهنية لـ هايوارد وصحته بشكل حاد في العقد الذي تلا زواجه من باميلا، لكنها ظلت مخلصة له.
حتى بروك هايوارد، ابنة زوج باميلا، التي اتهمت باميلا في مذكراتها الأكثر مبيعاً "هايواير" بالهروب مع بعض مجوهرات العائلة (إلى جانب مخالفات أخرى) اعترفت بذلك.
وكتبت هايوارد: "كانت باميلا تتمتع بموهبة عظيمة: لقد فهمت الرجال الذين أحبتهم. كان هذا هو المكان الذي بدأت منه وانتهت عنده، تلك هي الحياة الوحيدة التي كانت لديها".
بعد وفاة ليلاند في ربيع عام 1971، رأت الصحفية لالي وايموث، جارة باميلا، أنها "بائسة". كانت والدتها، ناشرة صحيفة واشنطن بوست كاثرين غراهام، تقيم حفلة، وحثت وايموث باميلا على الحضور بدلا منها.
هناك، قابلت باميلا أفريل هاريمان مرة أخرى. كان قد ترمل عن زوجته في العام السابق، وأعاد العاشقان السابقان إحياء علاقتهما على الفور، وتزوجا بعد بضعة أشهر.
كتبت بورنيل: "أصبحت حقيقة أن باميلا ضغطت من أجل تلقيها الدعوة لحضور الحفل، كحيلة لمقابلة أفريل، أمرا شائعا في واشنطن. كما هو الحال في كثير من الأحيان، كانت الشائعات حول باميلا بذيئة بما يكفي لدرجة أن الكثيرين لم يعودوا قلقين بشأن ما إذا كانت صحيحة أم لا".
صدر الصورة، Getty Images
واجهت السيدة هاريمان الجديدة شيئا من الإذلال، عندما ظهرت قصة كابوتي القصيرة "ساحل الباسك 1965" في مجلة إسكواير في عام 1975، وكان محور القصة السيدة إينا كولبيرث قاسية القلب - وهي شخصية مركبة، تشبه عناصرها شخصية باميلا هاريمان.
ولكن خلال العقدين الأخيرين من حياتها، أصبحت باميلا لاعبة قوية في واشنطن. بدعم من ملايين زوجها هاريمان، بدأت في تمويل والترويج لمرشحي الحزب الديمقراطي بعد فوز الجمهوري رونالد ريغان في الانتخابات الرئاسية عام 1980.
وكان من بين المفضلين لديها: رئيسان مستقبليان، جو بايدن، وهو عضو مجلس الشيوخ حينذاك عن ديلاوير، وبيل كلينتون حاكم أركنساس حينذاك.
توج هذا الفصل القوي من حياتها بتعيينها سفيرة في فرنسا من قبل كلينتون الممتن لها. ورغم أن باميلا كانت زوجة مخلصة ومهتمة بـ هاريمان المسن، إلا أن بن برادلي، رئيس التحرير المخضرم لصحيفة واشنطن بوست، وصفها بأنها شخص "كانت سياساتها بين فخذيها".
وكتب توماس مالون، الروائي التاريخي وكاتب المقالات، في مراجعة لكتاب "صانعة الملوك" لصحيفة واشنطن بوست، أن الكتاب "لم يتعامل مع الموت الغريب )طريقة موت باميلا) داخل مثل هذا الموضوع الحيوي على ما يبدو، والذي لا تزال طبيعته الميكانيكية القاسية تجعلها (باميلا)، حتى بعد رحيلها الطويل، أكثر إثارة للاشمئزاز من كونها جذابة".
وتشعر الكاتبة بورنيل أن الاستقبال العدائي لكتابها، في بعض الأحيان، جعلها تعيش "جزءا ضئيلا مما مرت به باميلا"، كما تقول لبي بي سي. وبعد قراءة أوراق ورسائل باميلا، المحفوظة الآن في مكتبة الكونغرس، أصبحت بورنيل تحب موضوعها أكثر فأكثر.
صدر الصورة، Penguin Random House
ربما تكون حياة باميلا بمثابة اختبار "رورشاخ" (اختبار نفسي). كيف يؤثر فيك هذا المعيار المزدوج المستمر؟ كما يشير ليمر: "لا يزال هذا صحيحاً: إذا أقمت علاقة جنسية مع الكثير من الناس وكنت امرأة فأنت "عاهرة"، ولكن إذا كنت رجلاً فأنت "رجل جذاب". وبأي شروط ينبغي لك أن تحكم على امرأة من عصر آخر؟ من الواضح أن باميلا كانت منجذبة إلى السلطة منذ سن مبكرة، ومع تعليمها المتواضع، فلم تكن هناك فرصة كبيرة آنذاك لأن تسعي إلى السلطة بمفردها.
إن تقييم باميلا لنفسها يكشف الكثير. ففي حديثها إلى مايكل غروس في مجلة نيويورك في عام 1992، والذي نقلته صحيفة نيويورك تايمز في وقت لاحق، قالت: "بالأساس، أنا فتاة خلف الكواليس. لطالما قلت هذا وكنت أؤمن به دائماً. أفضل أن أدعم وأدفع الآخرين. أنا لا أحب أن أكون في المقدمة. كنت سعيدة للغاية لكوني زوجة للزوجين اللذين أحببتهما".
** كتاب "صانعة الملوك" بقلم سونيا بورنيل منشور بواسطة دار نشر Penguin Random House.
وكلير ماكهيو هي مؤلفة رواية The Romanov Brides.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

