القانون الدولي يحاصر نتانياهو

القانون الدولي يحاصر نتانياهو
القانون الدولي يحاصر نتانياهو

الأحد 28 ديسمبر 2025 05:29 مساءً لم يعد بنيامين نتانياهو يتحرك في العالم بصفته رئيس حكومة، بل بصفته عبئاً قانونياً يتنقل تحت المراقبة، زعيماً فقد امتياز الحركة الحرة، وصار كل خروج له من فلسطين المحتلة مشروع أزمة محسوبة بالدقيقة والمسار والاحتمال، ما يجري اليوم ليس تفصيلاً بروتوكولياً، ولا إجراءً احترازياً عابراً، بل تعبير فاضح عن سقوط الهيبة السياسية وتحول السلطة إلى قيد، والحكم إلى حصار.

أن تطلب دولة تعهدات خطية بعدم اعتقال رئيس حكومتها قبل السماح لطائرته بعبور الأجواء، فهذه لحظة كاشفة لانهيار الصورة التي طالما حاولت إسرائيل تسويقها عن قادتها كأشخاص فوق القانون وفوق المساءلة، نتانياهو، الذي اعتاد أن يُستقبل كـ«رجل الغرب المدلل»، بات اليوم يتصرف كمتهم يخشى أن يتحول أي مطار إلى بوابة اعتقال، وأي هبوط اضطراري إلى نهاية سياسية مدوية.

طلب إسرائيل من فرنسا ضمانة مكتوبة لعبور طائرة «جناح صهيون» لم يكن بدافع سوء التنسيق أو خلل إداري، بل لأنه يعكس هلعاً حقيقياً من مذكرة التوقيف الدولية التي باتت تلاحق نتانياهو في الجو، كما تلاحقه على الأرض، فالموافقة الشفهية لم تعد كافية، والتطمينات الدبلوماسية لم تعد موثوقة، لأن صورة نتانياهو لم تعد صورة حليف طبيعي، بل صورة مسؤول مشتبه به في ارتكاب جرائم لا تسقط بالتقادم.

الأخطر من ذلك أن ما جرى مع فرنسا ليس استثناءً، بل أصبح قاعدة في إدارة تحركات نتانياهو الخارجية، مكتب رئيس الحكومة ووزارة الخارجية الإسرائيلية يعيدان رسم خرائط العالم وفق معيار واحد فقط: أين يمكن لنتنياهو أن يمر دون خطر الاعتقال؟ وأين يجب تفادي الأجواء والمطارات حتى لا تتحول الرحلة إلى فضيحة دولية؟ هكذا لم تعد السياسة الخارجية تُدار وفق المصالح والتحالفات، بل وفق منطق الهروب والاحتماء وتفادي القانون.

إن تحوّل السماء إلى مساحة خطر على رئيس حكومة الاحتلال هو بحد ذاته إدانة سياسية وأخلاقية، ورسالة واضحة بأن زمن الإفلات من العقاب يقترب من نهايته، فسنوات طويلة بنت إسرائيل سلوكها السياسي والعسكري على قاعدة عدم الاكتراث بالقانون الدولي، والاعتماد على الحماية السياسية الغربية لضمان الحصانة المطلقة، اليوم، هذه القاعدة تتصدع، وهذه الحماية لم تعد مانعة، والقانون الذي طالما تم تجاهله بدأ يفرض نفسه، ولو ببطء، كحقيقة لا يمكن تجاوزها إلى الأبد.

باختصار.. نتانياهو ما زال في الحكم، لكنه لم يعد حراً، ما زال يوقّع الأوامر، لكنه لا يستطيع الطيران دون إذن مكتوب، ما زال يتحدث بلغة القوة، لكنه يتحرك بمنطق المتهم، وهذه ليست مجرد أزمة سفر، بل بداية نهاية له حين يصبح القانون الدولي أقوى من جناح صهيون، وأثقل من كل التحالفات.

اسماعيل الريماوي

كاتب فلسطيني القدس الفلسطينية

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

السابق تنمية مهارات المحادثة والتخاطب
التالى السودان.. استراتيجية اقتصاد الغذاء الوقائي

 
c 1976-2025 Arab News 24 Int'l - Canada: كافة حقوق الموقع والتصميم محفوظة لـ أخبار العرب-كندا
الآراء المنشورة في هذا الموقع، لا تعبر بالضرورة علي آراء الناشرأو محرري الموقع ولكن تعبر عن رأي كاتبيها
Opinion in this site does not reflect the opinion of the Publisher/ or the Editors, but reflects the opinion of its authors.
This website is Educational and Not for Profit to inform & educate the Arab Community in Canada & USA
This Website conforms to all Canadian Laws
Copyrights infringements: The news published here are feeds from different media, if there is any concern,
please contact us: arabnews AT yahoo.com and we will remove, rectify or address the matter.