يشبه الألماس.. هذا المبنى في الصين صُمم بمساعدة الذكاء الاصطناعي

اخبار العرب -كندا 24: السبت 6 ديسمبر 2025 07:39 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- شيّدت على ضفاف نهر "هوانغبو" في مدينة شنغهاي الصينية بنية داكنة تشبه الألماس. تتلألأ نهارًا وتغدو سوداء بعد غروب الشمس، وتستحضر واجهتها الزجاجية هندسة الأحجار الكريمة المنحنية. لكن هذا الشكل النحتي ليس متجذرًا في الطبيعة ولا حتى من تصميم البشر بشكل كامل.

إنه جزئيًا، على الأقل، نتاج الذكاء الاصطناعي.

ويعد مركز مؤتمرات "ويست بوند" تحفة جديدة في حي كان صناعيًا سابقًا بشنغهاي، ويشكل الآن محور جهود الصين نحو التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي. 

ويستضيف حي "ويست بوند" بالفعل ناطحة السحاب المسماة بشكل مناسب "برج الذكاء الاصطناعي"، و"وادي الذكاء الاصطناعي" الذي يمتد على مساحة 92،903 متر مربع، الذي من المتوقع أن يضم يومًا ما شركات تقنية بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار.

لذلك، عندما تم تكليف مكتب العمارة الأمريكي Skidmore, Owings & Merrill (SOM) بتصميم مقر هناك للمؤتمر السنوي العالمي للذكاء الاصطناعي، أحد أكبر الفعاليات في هذا المجال، بدا من الطبيعي استخدام الذكاء الاصطناعي في التصميم.

وقال شريك التصميم سكوت دانكان في مكالمة فيديو من شيكاغو، حيث مقر الشركة: "كان لدينا الرؤية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل كعامل رئيسي للتعبير عن المبنى". 

واستضاف المكان أول مؤتمر للذكاء الاصطناعي في يوليو/ تموز الماضي، رغم أنه كان لا يزال قيد الإنشاء، وتم الانتهاء منه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

لأسباب عملية وأخلاقية على حد سواء، كان قطاع العمارة، حتى الآن، محافظًا تجاه التصميم المدعوم بالذكاء الاصطناعي. لكن شركة "SOM" التي صممت بعضًا من أشهر ناطحات السحاب في الصين، هي بين عدد متزايد من الممارسات التي تستخدم هذه التقنية لتوفير الوقت، وتقليل الهدر، وحل المشاكل التصميمية المعقدة.

الصين
بعض من مئات المقترحات التي تم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي، كل منها يقدم حلاً مختلفًا بشكل طفيف لأهداف التصميم التي وضعها المعماريون للمبنىCredit: SOM

وعوض منح الذكاء الاصطناعي الحرية الإبداعية الكاملة، يقوم المعماريون بتكليفه بمهام محددة جدًا، مع وضع معايير ثابتة، ثم يتركونه لإنتاج مئات، بل آلاف، الحلول الممكنة.

بالنسبة لواجهة مركز مؤتمرات "ويست باند"، على سبيل المثال، بدأ فريق التصميم بتحديد القيود التي عملت كـ"قواعد" للذكاء الاصطناعي بدءًا من أبعاد الموقع إلى ارتفاع غرف الاجتماعات. ثم قام المعماريون بتطوير خوارزميات حول 6 أهداف رئيسية هي تحسين مناظر السكان، وزيادة مساحة الطبقات، وزيادة كمية ضوء الشمس الذي يصل إلى الواجهة، من بين أمور أخرى.

ويمكن أن تتعارض مثل هذه الأهداف مع بعضها. فمثلاً، قد يؤدي تغيير زاوية لوح زجاجي إلى تحسين المناظر، لكنّه قد يُقلّل أيضًا من التعرّض لأشعة الشمس. لكن من خلال عملية تسمى "التحسين متعدد الأهداف"، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحلّل أفضل التسويات الممكنة. 

وبعد ترك الخوارزميات "لتفكر" طوال الليل، استيقظ معماريو "SOM" ليجدوا مئات المقترحات المختلفة بشكل طفيف، كل واحدة منها مُقيّمة وفق أهدافهم. 

قد يهمك أيضاً

ويقدر دانكان أنهم حصلوا على أكثر من 800 نسخة مختلفة. وأضاف: "وكان بإمكاننا توليد ملايين النسخ لو كان لدينا جدول زمني غير محدود".

ومع ذلك، فإن تضييق الخيارات واختيار الفائز ما برح يتطلب نظرة بشرية. فبعد كل شيء، أراد المصممون تصميمًا "جماليًا وجذابًا"، رغم متطلباتهم الوظيفية العديدة، بحسب ما أوضح المعماري.

الذكاء الاصطناعي
يعد مركز مؤتمرات "ويست بوند" جزءًا من منطقة أوسع، تُعرف باسم وادي الذكاء الاصطناعي في "ويست بوند"، المكرّس إلى قطاع الذكاء الاصطناعي سريع التطور.Credit: Dave Burk/SOM

وقال دانكان، مجادلًا بأن دور الذكاء الاصطناعي لن يحلّ محل الإبداع البشري: "لقد اخترنا واحدًا رأيناه الأجمل والأكثر أناقة في بيئته. وهذا شيء لا يمكن حقًا أتمتته".

فن أم علم؟

تقدّر شركة SOM أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مركز مؤتمرات "ويست باند" قد وفر أسابيع من وقت التصميم والبحث.

ويمكن أيضًا استخدام هذا النوع من التصميم "البارامتري" لتحسين الأداء الطاقي للمباني أو تقليل كمية الخرسانة والفولاذ مرتفعي الانبعاثات الكربونية اللازمة للبناء.

لكن الفوائد تتجاوز مجرد الكفاءة، كما يناقش دانكان، الذي وصف الذكاء الاصطناعي بأنه “موفر للوقت ومحسّن للتصميم” في آن واحد. إذ يمكن للخوارزميات أن تنتج درجة من العشوائية على نطاق لا يستطيع المعماريون البشر مجاراته، مضيفًا: "إنه يمتلك مستوى من الدقة كان من الصعب جدًا تحقيقه لو قمنا بذلك يدويًا".

والتصميم البارامتري ليس سوى أحد الأساليب التي يوظّف بها المعماريون تقنيات الذكاء الاصطناعي. إذ يمكن، ويجري بالفعل، استخدامه بدءا من توليد الأفكار إلى المحاكاة ثلاثية الأبعاد التي تختبر كيفية أداء الهياكل في الرياح القوية. 

لكنّ قطاع الهندسة المعمارية لا يزال مترددًا بشأن تبنّي الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. وقد وجد تقرير حديث للمعهد الأمريكي للمعماريين (AIA) أن نحو 70% من المعماريين متفائلون بشأن الذكاء الاصطناعي، وأن حوالي نصفهم جرّبوه، لكن 6% فقط يستخدمونه بانتظام في أعمالهم. 

وذكر استطلاع مشابه أجراه المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين (RIBA) العام 2024، أن نسبة الاعتماد عليه في المملكة المتحدة أعلى نسبيًا، رغم أن الأغلبية (59%) قالت إن مكاتبها لا تستخدم الذكاء الاصطناعي أبدًا.

الصين
استضاف المركز المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي لأول مرة في يوليو.Credit: Lucas Blair Simpson/SOM

وكانت مخاوف المعماريين واسعة النطاق، إذ أعرب أعضاء المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين (RIBA) عن قلقهم بشأن فقدان الوظائف وتقليد أعمالهم. وأشار نحو 90% من المشاركين في استبيان المعهد الأميركي للمعماريين (AIA) إلى الخوف من عدم الدقة والعواقب غير المقصودة لمخرجات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مسألة "الأصالة". 

واقترح منتقدون أن استخدام مجموعات بيانات مسبقة قد يعزز التحيزات أو يخنق الابتكار.

وتتعلق بعض هذه المخاوف بدور العمارة كعلم وفن في آن واحد. فبينما لن يعترض الكثيرون على تسريع الذكاء الاصطناعي لاكتشاف أدوية جديدة، فإن اللوحات المُنشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي أكثر إثارة للقلق. 

وبالمثل، يخشى منتقدو الذكاء الاصطناعي أن تهدد التقنية طابع تصميم المباني والمركزية البشرية التي تقع في قلب العمارة.

ومع ذلك، يبدو أن التبني الواسع أمر لا مفر منه. فقد بدأت العديد من برامج النمذجة ثلاثية البعد التي يعتمد عليها المعماريون بالفعل بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي. 

ومنذ تصميم مركز المؤتمرات في "ويست بوند"، أطلقت شركة SOM، وهي الشركة التي تقف وراء مبانٍ مركز التجارة العالمي الواحد في نيويورك وبرج خليفة في دبي، برنامج ذكاء اصطناعي داخلياً خاصاً بها، أُطلق عليه اسم "Natalie"، للمساعدة في كل شيء من تظليل الواجهات (الذي يحدد كمية ضوء الشمس التي تصل إلى الجزء الخارجي للمبنى) وصولًا إلى مخططات الطوابق.

قال دانكان: "إن تجربة المستخدم داخل المبنى تتضمن ملايين العوامل المختلفة وملايين الأهداف المختلفة، لذا فإن ما يحدّنا فعلياً في هذه المرحلة هو القدرة الحاسوبية فقط".

قد يهمك أيضاً

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

السابق هل ممارسة الرياضة في منتصف العمر مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالخرف؟
التالى الجيل التالي.. أطباء روبوتيون يجرون عمليات جراحية دقيقة في مستشفى أمريكي

 
c 1976-2025 Arab News 24 Int'l - Canada: كافة حقوق الموقع والتصميم محفوظة لـ أخبار العرب-كندا
الآراء المنشورة في هذا الموقع، لا تعبر بالضرورة علي آراء الناشرأو محرري الموقع ولكن تعبر عن رأي كاتبيها
Opinion in this site does not reflect the opinion of the Publisher/ or the Editors, but reflects the opinion of its authors.
This website is Educational and Not for Profit to inform & educate the Arab Community in Canada & USA
This Website conforms to all Canadian Laws
Copyrights infringements: The news published here are feeds from different media, if there is any concern,
please contact us: arabnews AT yahoo.com and we will remove, rectify or address the matter.