خبراء: مخاوف اقتصادية أمريكية وتحولات هيكلية بالنظام المالي العالمي وراء الارتفاع القياسي للذهب

اخبار العرب -كندا 24: الاثنين 22 ديسمبر 2025 10:39 صباحاً اقتصاد 0
22 ديسمبر 2025 , 06:35م
alsharq

الذهب

الدوحة - قنا

سجلت أسعار الذهب والفضة قفزات تاريخية غير مسبوقة في تداولات اليوم، عندما كسر المعدن الأصفر حاجز 4400 دولار للأوقية (الأونصة)، مدفوعا ببيانات اقتصادية أمريكية أظهرت ضعفا في سوق العمل وتراجعا في معدلات التضخم، ما عزز رهانات الأسواق على خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لأسعار الفائدة في يناير المقبل.

فقد ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنحو 1.3 في المئة ليلامس 4398.12 دولار، فيما زادت العقود الآجلة الأمريكية بنسبة 1.02 في المئة، لتصل إلى 4432.20 دولار للأوقية، وتزامنت هذه القفزات السعرية مع صعود المعدن الأبيض بنسبة تجاوزت 3 في المئة ليلامس مستوى 69 دولارا، إلى جانب تسجيل البلاتين والبلاديوم أعلى مستوياتهما منذ سنوات، في وقت تشهد فيه الأسواق طلبا فعليا مكثفا يتجاوز مجرد المضاربات الورقية.

وعزا السيد رمزي قاسمية مدير استثمار في شركة قطر للأوراق المالية، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، ارتفاع أسعار الذهب لمستويات قياسية جديدة إلى عدة عوامل، في مقدمتها زيادة الرهانات على قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، عقب صدور بيانات سوق العمل الأمريكي التي جاءت أقل من المتوقع.

وأوضح أن الذهب يستفيد كذلك من ضعف مؤشر الدولار الذي يلامس أدنى مستوياته منذ عام 2022، متراجعا بأكثر من 10 في المئة منذ بداية العام، في ظل مخاوف دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود تضخمي، مشيرا إلى أن أحد أبرز محركات الارتفاع يتمثل في زيادة اهتمام البنوك المركزية بالذهب وعمليات الشراء المكثفة، والتي تسارعت منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية، مع سعي العديد من الدول إلى تنويع احتياطياتها، خاصة بعد فرض العقوبات على الاستثمارات الروسية.

ولفت قاسمية إلى أن احتياطيات البنك المركزي الصيني من الذهب ارتفعت للشهر الرابع عشر على التوالي، كما عززت بنوك مركزية أخرى مثل تركيا وكازاخستان حيازاتها، إلى جانب إعلان البنك المركزي في كوريا الجنوبية عزمه زيادة احتياطياته من الذهب لأول مرة منذ عام 2013.

وأضاف أن اهتزاز الثقة بأداء الاقتصادات الكبرى، لا سيما الأمريكية والأوروبية، في ظل ارتفاع مستويات المديونية إلى مستويات غير مسبوقة، أثار شكوكا حول قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، ما عزز جاذبية الذهب كأداة تحوط ووعاء ادخاري أكثر أمانا مقارنة بالسندات الحكومية. وأكد أن كبريات شركات الاستثمار والبنوك تتوقع استمرار الزخم الإيجابي على الذهب حتى عام 2026، مدعوما بضعف مؤشرات الاقتصاد الأمريكي واستمرار مشتريات البنوك المركزية.

وأشار إلى أنه على الرغم من الزيادة الكبيرة في الطلب على الذهب، فإن جانب العرض ما زال مستقرا نسبيا منذ عام 2019، وحتى في حال ارتفاع المعروض، فإن تأثيره على الأسعار يبقى محدودا، نظرا لتعدد عوامل الطلب، ومنها العائد الحقيقي على السندات ومؤشر الدولار ومشتريات البنوك المركزية، إضافة إلى التدفقات الاستثمارية نحو المعدن الأصفر.

ولفت السيد رمزي قاسمية مدير استثمار في شركة قطر للأوراق المالية، في تصريحاته لـ/قنا/، إلى تزايد الاستثمارات في صناديق الذهب المتداولة، التي سجلت حيازاتها أعلى مستوياتها التاريخية، بالتزامن مع ارتفاع شهية المستثمرين من المؤسسات والأفراد، إلى جانب ضعف العملات في بعض الدول، والنظر للذهب كأداة تحوط ضد الضغوط التضخمية، فضلا عن تنامي عمليات المضاربة بهدف تحقيق أرباح سريعة.

من جانبه، قال الدكتور عمر خليف الغرايبة نائب عميد كلية الأعمال للجودة بجامعة آل البيت الأردنية، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب واقترابها من حاجز 4400 للأوقية، لم يعد من الممكن تفسيره بالاعتماد على أدوات التحليل التقليدي وحدها.

وأوضح الغرايبة أن السلوك السعري الحالي لا يعكس مخاوف ظرفية أو رهانات قصيرة الأجل على أسعار الفائدة فحسب، بل يكشف عن بنية سوق أكثر تعقيدا، تتداخل فيها العوامل النفسية مع تحولات هيكلية في الطلب العالمي، ما يجعل الذهب مؤشرا دقيقا لحالة عدم اليقين العميق التي يمر بها النظام المالي الدولي.

وأضاف أن اختزال هذا الصعود في عامل القلق وحده يمثل قراءة سطحية، في حين تظهر البيانات أن الطلب الهيكلي المستمر من البنوك المركزية، خاصة في اقتصادات كبرى مثل الصين والبرازيل، يشكل أحد المحركات الأساسية للأسعار.

وأشار إلى أن هذه المشتريات القياسية لا تمثل رد فعل مؤقتا على أزمات عابرة، بل تعكس توجها استراتيجيا طويل الأمد نحو تنويع الاحتياطيات بعيدا عن الدولار، وهو ما يوفر قاعدة طلب صلبة ودائمة ويمنح الاتجاه الصاعد عمقا بنيويا يتجاوز الاعتبارات النفسية الآنية. وفي المقابل، لفت الغرايبة إلى أن السياسة النقدية الأمريكية باتت تمثل عاملا إضافيا لعدم الاستقرار، في ظل الانقسام غير المسبوق داخل مجلس الاحتياطي الاتحادي، والتباين الحاد بين توقعاته الرسمية بخفض محدود للفائدة وتوقعات الأسواق التي تراهن على عدة تخفيضات.

وبين أن هذا التضارب في التوقعات لا يربك المستثمرين فحسب، بل يضخم ردود الفعل الجماعية ويحول كل إشارة اقتصادية إلى موجات سعرية مبالغ في تأثيرها.

وعلى الرغم من متانة الاتجاه العام للذهب، حذر الغرايبة من أن جزءا من الارتفاع يبدو مدفوعا بعوامل نفسية تتجاوز الأساسيات، ما يرفع احتمالات حدوث تصحيحات سعرية حادة قد تصل إلى ثلاثين أو أربعين في المئة، خاصة مع اقتراب مؤشرات الزخم من مناطق التشبع الشرائي، مؤكدا في الوقت نفسه أن مثل هذه التصحيحات المحتملة لا تنفي الاتجاه الصاعد، بل قد تشكل جزءا طبيعيا من مسار طويل يتسم بارتفاع مستويات عدم الاستقرار.

وقال الدكتور عمر خليف الغرايبة، في ختام تصريحاته لـ/قنا، إن المشهد الحالي للذهب لا يمكن اختزاله في التساؤل حول ما إذا كانت الأسعار مبالغا فيها من عدمه، بل في فهم ما الذي تغير في بنية السوق نفسها، مشيرا إلى أن المستثمر بات ينظر إلى الذهب اليوم ليس بدافع العائد، بل في إطار إعادة تعريف مفهوم الأمان، في عالم تتآكل فيه الثقة بالسياسات النقدية والعملات التقليدية، ليغدو الذهب مؤشرا كاشفا لخلل بنيوي أوسع في النظام المالي العالمي.

اقرأ المزيد

مساحة إعلانية

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

السابق غزة: 13 شهيدا بسبب تداعيات المنخفض الجوي
التالى إستراتيجية «المواصلات 2025 ـــ 2030» قطر تتخطى المدى وترسم مستقبل النقل الذكي والمستدام

 
c 1976-2025 Arab News 24 Int'l - Canada: كافة حقوق الموقع والتصميم محفوظة لـ أخبار العرب-كندا
الآراء المنشورة في هذا الموقع، لا تعبر بالضرورة علي آراء الناشرأو محرري الموقع ولكن تعبر عن رأي كاتبيها
Opinion in this site does not reflect the opinion of the Publisher/ or the Editors, but reflects the opinion of its authors.
This website is Educational and Not for Profit to inform & educate the Arab Community in Canada & USA
This Website conforms to all Canadian Laws
Copyrights infringements: The news published here are feeds from different media, if there is any concern,
please contact us: arabnews AT yahoo.com and we will remove, rectify or address the matter.