اخبار العرب -كندا 24: السبت 20 ديسمبر 2025 07:39 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تُعد لاغوس مزدحمة حتى في أفضل الأوقات، لكن مع اقتراب نهاية العام تتحول هذه المدينة النيجيرية مترامية الأطراف كليًّا. فاحتفالات "ديتي ديسمبر" السنوية تجلب أضواءً ساطعة، وموسيقى صاخبة، وارتفاعًا في الأسعار، مع انطلاق واحدة من أكبر الحفلات في العالم داخل النوادي الليلية والحانات وفي الشوارع.
لكن احتفالات هذا العام تأتي على إيقاع نشاز، إذ تعاني البلاد من ضغوط اقتصادية وانعدام الأمن، وأكبر ما يفسد أجواء المتعة هو محاولة الحكومة استغلال الوضع الراهن لتحقيق مكاسب مالية منه.
وتمتد فعاليات "ديتي ديسمبر" عادةً من 6 حتى 31 ديسمبر/كانون الأول، وأحيانًا تستمر حتى شهر يناير/ كانون الثاني، ويُعد وقتا للإسراف في نيجيريا، حيث تتواصل الأنشطة ويتم إنفاق الكثير من "النيرة النيجرية"، أي العملة المحلية.
وهو أيضًا الوقت الذي يتدفق فيه أفراد الجالية النيجيرية في الخارج إلى الوطن، ويعودون حاملين أجواء الأعياد التقليدية، وشغفًا بالمرح، وحسابات بنكية مستعدة لإنفاق كبير. هذه العناصر تحوّل لاغوس إلى مركزٍ كرنفالي، فتختنق الطرق بالزحمة، وتمتلئ الليالي بالموسيقى الصاخبة.

وكلمة "ديتي" تعني "قذر" في العامية، في إشارة إلى الانفلات والتحرر، وهذا بالضبط ما يحدث. فهناك مهرجانات، وحفلات موسيقية، وفعاليات يشارك فيها نجوم، وأسواق مؤقتة، وحفلات شاطئية، وأعراس، كلها تتوالى بلا توقف، ويتنافس كل حدث ليكون أكبر، وأكثر بهرجة ولا يُنسى، مقارنةً بما سبقه.
في العام 2024، قدّم الموسم عرضًا تلو آخر. كان هناك مهرجان "Flytime Fest" الذي شارك فيه نجما الغرامي المرشحان "دافيدو" و"أولاميد". كما قدّمت فعالية "Vibes on the Beach" مع "ويزكيد" مشهدًا مختلفًا على شاطئ البحر. أما الحفلة التي عمّت المدينة، "My Afrobeats Detty December Takeover"، فقد ضمّت 15 حفلة مستوحاة من موسيقى الأفروبيتس امتدّت إلى كل ركن من أركان لاغوس.
قد يهمك أيضاً
أما برنامج العام 2025، فهو جاهز بالفعل للمنافسة، ويشمل العديد من الحفلات، وهي ممهرجان Palmwine الموسيقي، وPeak Detty Vibes، وتجربة Bonfire مع فيكتوني، وجوما جوكس لايف في لاغوس، ومهرجان "Foodie" في لاغوس.
"إعادة ضبط ثقافية رائعة"
وبالنسبة إلى والي ديفيز، وهو مؤسس "Palmwine Music Festival" عام 2017، كان هذا الصعود دراميًا لكنه غير مفاجئ.
يقول: "قبل أن يصبح هناك ما يُعرف رسميًا بـ"Detty December"، كان ديسمبر دائمًا detty (صاخبا) في نظرنا. لقد كبر الأمر أكثر الآن بعدما صار ظاهرة بحد ذاته". وقد ارتفعت أعداد الحضور بشكل ملحوظ مقارنة بالبدايات؛ ففي العامين الأخيرين وحدهما ازداد عدد الزوار بشكل كبير، سواء من أبناء الجاليات في الخارج أو من داخل نيجيريا.
وبالنسبة لبعض سكان لاغوس، فإنهم يخططون عامهم بأكمله على أساسه.
وعلى سبيل المثال، رائدة الأعمال أوموتويوسي أكينكوادي، وعمرها 35 عامًا، أمضت أشهرًا تتنقّل عبر شرق آسيا من أجل العمل، مع استراحة واحدة فقط إلى جنوب أفريقيا. وتقول: "كان الأمر مرهقًا للغاية أثناء التنقّل في أنحاء الصين للبحث عن البضائع. ومع موسم ديتي ديسمبر، أبتعد تمامًا عن كل ذلك لاستعادة توازني".
قد يهمك أيضاً
وبالنسبة لأكينكوادي، فإن صعود ظاهرة "ديتي ديسمبر" يعني أنها لم تعد مضطرة لتنظيم تجمعات العطلات بنفسها، إذ بات تقويم العام يرتّب نفسه تلقائيًا.
وتضيف: "في العام الماضي، لبّيت العديد من دعوات حفلات الزفاف وقضيت وقتًا مع أصدقائي. هذا العام، أتطلع إلى بعض الحفلات الموسيقية، وحفلات زفاف أخرى، وبالطبع مهرجان ديتي ديسمبر".
ويرى بعض العائدين أن هذا الموسم يتجاوز كونه ترفيهًا ولمّ شمل، إذ يعد بمثابة إعادة ضبط ثقفاية، حسبما وصفته خبيرة العلاقات العامة ميمي إيجيشيونو، القادمة من نيويورك للمرة الثالثة.
وتشير إيجيشيونو إلى أنها تفضّل حرارة لاغوس على شتاء نيويورك، وتخطط لأمسياتها حول الحفلات الموسيقية وعروض الأزياء.
وتقول إن "مشهد الحفلات الموسيقية مميز حقاً. إذ تشعر وكأنك تشاهد نجماً عالمياً مختلفاً كل ليلة. الطاقة الجماعية لا مثيل لها في أي مكان في العالم".
ورغم أن احتفالات "ديتي ديسمبر" لا يبدو أنها ظهرت إلا في لاغوس خلال السنوات الأخيرة، فإن هذه الاحتفالات التي تُقام في نهاية العام ليست جديدة. فعلى مدى العقدين الماضيين، كان "كرنفال كالابار" يجذب الحشود إلى ولاية كروس ريفر في شرق نيجيريا. وفي الوقت نفسه، ظلّت العودة إلى الديار في شهر ديسمبر/ كانون الأول جزءًا راسخًا من الثقافة النيجيرية، حيث كانت لاغوس تعتبر كمحطة توقف قصيرة قبل أن يعود المسافرون إلى ولاياتهم الأصلية.
لكن ذلك تغيّر مع الصعود العالمي لموسيقى "الأفروبيتس". ويقول إيكيشي أوكو، الخبير السياحي ومنظّم سوق السفر الأفريقي "Akwaaba" الذي يُقام منذ سنوات طويلة: "الناس الآن يمكثون في لاغوس لحضور بعض الحفلات، وهو ما يجذب أيضًا أفراد الجالية النيجيرية في الخارج الذين يأتون بالعملة الأجنبية. يقومون بتحويلها إلى النيرة ويعيشون ببذخ. ولهذا يبدو ديتي ديسمبر اليوم وكأنه حدث فاخر".
ولهذا البذخ تبعاته، إذ ارتفعت أسعار تذاكر الطيران منذ وقت مبكر من شهر أغسطس. وتضاعفت تقريبًا أسعار تذاكر الدرجة السياحية على شركات الطيران النيجيرية لتصل إلى 350,500 نيرة. أما طاولات الفعاليات التي كانت تُستأجر سابقًا مقابل 350 ألف نيرة، فأصبحت تُباع الآن بنحو 500 ألف نيرة، أي بزيادة تقارب 100 دولار.

وأفادت حكومة ولاية لاغوس بأنها حققت أكثر من 71.6 مليون دولار من قطاعات السياحة والضيافة والترفيه خلال موسم "ديتي ديسمبر" للعام 2024.
وفي وقت سابق من العام، طُرح مقترح لفرض ضريبة سياحية بقيمة 500 دولار على النيجيريين في المهجر. وقدّر المقترح إيرادات محتملة تصل إلى 165 مليون دولار، لكنه قوبل برفض سريع من قبل المعنيين، الذين وصفوه بأنه "غير مدروس وقد يكون استغلاليًا". كما حذّرت لجنة النيجيريين في المهجر من أن "مثل هذه النصائح تأتي بنتائج عكسية، وقد تثني العديد من النيجيريين الذين يخططون للعودة إلى الوطن عن القدم عوض تشجيعهم".
ويرى أوكو، خبير في مجال السياحة، أن الحكومة لا ينبغي أن تتدخل في ما أصبح اقتصادًا عضويًا يقوده الناس بأنفسهم. ويقول: "النيجيريون هم من يصنعون النجاح الذي يتمتع به النيجيريون"، مشيرًا إلى أن المشهد الموسيقي وصناعة الأفلام النيجيرية الناجحة "نوليوود" قد ازدهرا بشكل مستقل.
ويخلص أوكو إلى أنّ صمود النيجيريين يتجسّد في "ديتي ديسمبر"، حيث تتخطى الموسيقى، والطعام، والرقص، والأزياء أعظم مصاعب البلاد، مضيفًا: "إذا كانت هذه الأيام القليلة كل ما نملكه لننسى الكآبة مؤقتًا، فمن المجدي الاستفادة القصوى منها".
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

