اخبار العرب -كندا 24: الخميس 18 ديسمبر 2025 03:03 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تضاعف دور منسّقي الأزياء بشكل واضح في السنوات الأخيرة، إذ أصبح هؤلاء جزءًا لا يتجزأ من فرق عمل المشاهير، حيث تحولت هذه المهنة، التي لم تكن واضحة للجمهور سابقًا، إلى عنصر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه لإتمام أي إطلالة.
لم يعد اختيار الملابس مجرد عملية عشوائية، بل أصبح فنًا قائمًا على دراسة شخصية النجم، وطبيعة الحدث، وسياق الظهور، سواء كان على السجادة الحمراء، في جلسة تصوير، أو خلال مقابلة إعلامية.
واستطاع منسّقو الأزياء اليوم الجمع بين الحس الفني، والمعرفة العميقة بثقافة الموضة، والفهم الدقيق لتاريخها، ليتمكنوا من تحويل أي فكرة إلى إطلالة متكاملة تعكس الهوية البصرية للفنانين، وتبرز شخصيتهم بطريقة منسقة وجذابة.
دخلت منسّقة الأزياء المصرية ياسمين قنّاوي هذا المجال أثناء دراستها بمعهد التكنولوجيا للموضة في نيويورك، فبعد التخرّج عملت كمساعدة للعديد من منسقي الإطلالات، بما في ذلك منسقة المشاهير إيرين والش والمنسقة التحريرية راشيل وانغ. وحينها شعرت بأنها ترغب في نقل جذورها الغربية إلى منطقة الشرق الأوسط.
أشارت قنّاوي في مقابلة مع موقع CNN بالعربيّة إلى أنّها لطالما فهمت كيف يمكن للملابس أن تروي قصة عن الشخص قبل تحدثه. وما بدأ معها كشغف تحوّل بسرعة إلى مهنة عندما أدركت أنّها تستطيع ترجمة شخصيات الأفراد إلى هويّات بصرية، واليوم تطوّر نفسها من خلال البقاء على اتصال وثيق بالثقافة، والسينما، وتاريخ الموضة، مع مواكبة المراجع الحديثة.
وعن مسؤولية العمل مع المشاهير، قالت: "أشعر بمسؤولية كبيرة. إذ أن تنسيق إطلالة لمشاهير ليس مجرد موضة، بل يتعلق الأمر بالصورة، والثقة بالنفس، والتوقيت. ويمكن لإطلالة واحدة تحديد لحظة مهمة في مسيرة الشخص المهنية. لذلك أتعامل مع كل قرار في التنسيق بعناية، واحترام، ووعي بكيفية تأثيره بعد السجادة الحمراء."
وشرحت قنّاوي عن تفاصيل إطلالات النجمات في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025، حيث تعاونت مع الممثّلة السورية كاريس بشّار، والممثّلة المصرية أسماء جلال، والممثّلة التونسيّة هند صبري، مشيرة إلى أنّ التوازن كان الأساس، حيث اختارت كل إطلالة بعناية لتبدو سينمائية ولكن طبيعية في الوقت ذاته.
وركّزت على الخطوط القوية، والتفاصيل المصقولة، وخيارات التنسيق التي ترفع من مستوى الفستان دون أن تطغى على مرتديها، إذ أن الهدف أن تُصبح كل إطلالة لا تُنسى.
وعن شخصيّات النجمات اللواتي عملت معهنّ، أجابت: "لكل منهن طاقة مميزة تجعل التنسيق ممتعًا. هند صبري تجسد الأناقة والقوة الهادئة، وحضورها لا يحتاج لأي جهد. أمّا أسماء جلال فهي عصرية ومرحة وطبيعية، ويظهر ذلك بشكل جميل أمام الكاميرا. سلمى أبو ضيف جريئة ومعبرة وعصرية، ولا تخشى المخاطرة في الموضة، وكاريس بشّار تتمتع بأنوثة قوية ومتجذرة مع عمق سينمائي يجعل كل إطلالة تبدو مقصودة ومدروسة."
أما عن أسس اختيار التصاميم، فقد أشارت قنّاوي إلى أنّه يجب أن تتوافق الخيارات مع شخصية المشاهير، والحدث، والرسالة التي تريد إيصالها، فهي لا تتبع الصيحات، بل تلتزم بالرؤية، وتقدّر المصممين الذين يفهمون الهيكل، والسرد، والحرفية، لافتة إلى أنّها تحب العمل مع مصممين يجمعون الجرأة والأناقة، سواء كانوا أسماء معروفة أو مواهب صاعدة، فما يهم هو الأصالة والجودة، وهي ممتنة للعمل مع مصممين مثل زهير مراد، وإيلي صعب، ورامي قاضي، وغيرهم.
ولفتت قنّاوي إلى أنّ الإطلالة الأنجح برأيها هي التي تشعر فيها النجمة بقيمتها الحقيقية، أي عندما يختفي الفستان وتحل الثقة بالنفس. وفي مهرجان البحر الأحمر، كانت هناك لحظات حيث كل شيء كان متناغمًا: المرأة، والتصميم، والجو، والتوقيت. تلك الإطلالات تبقى في ذهنها لأنها تبدو أصيلة. هناك العديد من الإطلالات التي تركت أثرًا قويًا في نفسها، مثل إطلالة مدّربة اللياقة المعروفة إيريكا هاموند كعروس خلال حفل ما قبل الزفاف في المتحف المصري الكبير، حيث ارتدت فستانًا من المصمم السوري إلياس ريغا، وكانت الإطلالة مصممة بعناية لتعكس روح المتحف، وقد بدت ككليوباترا عصرية، أي مزيج مثالي بين الموضة والتاريخ.
صيحات الموضة..أدوات وليست قواعداعتبر منسّق أزياء المشاهير الكويتي مساعد الصقر أنّ الأولوية دائمًا هي أن تكون الإطلالة مناسبة تمامًا للحدث ذاته، والتوقيت، وحتى الطقس.
وقال الصقر في مقابلة مع موقع CNN بالعربيّة إنّه ينظر أيضًا إلى صورة المشاهير ومرحلتهم الحالية في مسيرتهم، وعندها يبني الإطلالة، من الفكرة إلى التفاصيل النهائية، مع التفكير في الحركة، والتصوير، وكيف ستظهر الإطلالة حيّة وعلى الكاميرا.
وعن كيفية التعاون بينه وبين المشاهير، أوضح: "تبدأ عملية التعاون بالحوار، ولكن الأهم هو السؤال التالي: ما هي الرسالة التي تريد هذه الإطلالة إيصالها؟ ما الذي تريد أن يفهمه الناس عنك قبل أن تتحدث؟ بالنسبة لي، التنسيق هو لغة بحد ذاته. فالملابس تنقل الهوية، والمزاج، والنوايا. ودوري هو الإصغاء، وفهم شخصية الفنان في تلك المرحلة من مسيرته، وترجمة الرواية الداخلية إلى تعبير بصري، فالعملية مبنية على الثقة، والوعي، والاحترام المتبادل، حيث تتحول الموضة إلى انعكاس للفكر وليس مجرد مظهر."
ولفت الصقر إلى أنّ صيحات الموضة هي أدوات وليست قواعد، والأهم هو اختيار ما يكمل أسلوب المشاهير بدلاً من اتباع الصيحات بشكل أعمى. ويعني هذا أحيانًا تعديل الصيحة بشكل خفيف، وأحيانًا يعني تجاهلها تمامًا، فأسلوب الشخص دائمًا يأتي أولًا.
وأشار الصقر إلى أنّه يفضّل العمل مع الفنّانات، لأنّ الموسيقى هي مصدر إلهامه الأول والأقوى؛ "هناك شيء قوي في تنسيق إطلالة المطربة لأنّ حضورها يتجاوز المظهر، إنه يتعلق بالعاطفة، والصوت، والطاقة. اللحظة التي أستمتع بها أكثر هي عندما أرى المغنية على المسرح، تأسر الآلاف بصوتها، وتبدو أنيقة وواثقة. وعندما تعزز الإطلالة الأداء الفني، وتصبح جزءًا من التجربة الفنية، أشعر بسعادة لا توصف."
وعن تعاونه مع النجمات العربيّات مثل أصالة، وشيرين عبد الوهاب، وبسمة بوسيل، وميلا زهراني، قال: "تجربتي مع أصالة تعني لي الكثير، وما يجعل علاقتنا مميزة أكثر هو أنها كانت أول من اقترحت علي العمل في مجال الموضة، قبل سنوات من بدايتي الرسمية، فحمل العمل معها بعدًا شخصيًا وعاطفيًا يتجاوز التنسيق. أما أحد اللحظات التي أذكرها دائمًا مع شيرين عبد الوهاب هي ارتدائها فستانًا من دون تجربة أولية، وكان مناسبًا لها تمامًا."
ووصف الصقر الممثلة السعودية ميلا زهراني والفنانة المغربية بسمة بوسيل بمصدر إلهام خالص بالنسبة له، فهو يشعر بسعادة كبيرة لأنه رافقهما، وتربطه علاقة صداقة قوية مع بوسيل، حيث رافقها منذ بداية مسيرتها.
ماذا عن تنسيق إطلالات الشخصيّات العامة؟أكّدت منسّقة الأزياء اللبنانية جوني متّى في مقابلة مع موقع CNN بالعربيّة أنّ تنسيق الإطلالات يختلف بين جلسات التصوير، والسجادة الحمراء، والمقابلات بشكل كبير، بسبب السياق الفريد لكل منها.
وتتيح جلسات التصوير مرونة وتعبيرًا إبداعيًا، مع إمكانية تعديل الإطلالة في اللحظات الأخيرة ضمن بيئة مسيطَر عليها. بالمقابل، تتطلب إطلالات السجادة الحمراء تخطيطًا دقيقًا وإتقانًا كاملًا، حيث يجب أن تكون الملابس مثالية تحت أنظار الجمهور والزوايا المختلفة للكاميرا.
أما المقابلات، فتحتاج إلى توازن بين المظهر المصقول، والمظهر المهني، مع التركيز على شخصية المحاور أكثر من الإطلالة ذاتها. كل سياق يتطلب أسلوبًا مصممًا خصيصًا لتلبية التوقعات.
وعن إطلالة الفنانة اللبنانية عبير نعمة خلال زيارة البابا لاوُن إلى لبنان، أشارت متّى إلى أنّ تنسيق إطلالات نعمة عكس بأناقة رسالة المناسبة حول السلام. فاختيار الزي الأبيض هو رمز للنقاء والانسجام، متماشيًا مع موضوعات الحدث، وإضافة صليب ذهبي زاد من فخامة الإطلالة وعمقها، متماشيا مع السياق الديني، في مزيج مدروس أرادت من خلاله نقل رسالة قوية عن الإيمان والوحدة.
وقالت متّى إنّ تنسيق إطلالات المشاهير والشخصيات العامة يختلف أساسًا من حيث الهدف والسياق. غالبًا ما يرتدي المشاهير أزياء جريئة وفريدة في المناسبات، لإبراز علامتهم الشخصية وجذب المعجبين.
بالمقابل، تحتاج الشخصيات العامة إلى مظهر مصقول ومهني في المناسبات الرسمية. يواجه المشاهير اهتمامًا إعلاميًا أكبر، ما يتيح لهم المجازفة الإبداعية، بينما يجب على الشخصيات العامة التفكير في كيفية عكس أسلوبهم لصورتهم المهنية. بشكل عام، يختلف النهج بحسب الحاجة إلى التكيف والقيم التي يمثلونها.
واعترفت متّى أنّ التميّز كمنسقة إطلالات صار تحديًا مع وجود عدد كبير من المحترفين الجدد في المجال: "بالنسبة لي، ينبع الأسلوب الشخصي من الخبرة، والفهم القوي لتنسيق الألوان والخامات، وفهم شكل جسم كل زبون. صحيح أنّ متابعة الصيحات مهمة، لكنها لا تغني عن معرفة متى لا يناسب اتجاه معين مظهر أو شخصية، لأنّ التنسيق الحقيقي يتعلق بالشخصية، وليس نسخ الإطلالات."
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




