تقرير طبي يكشف مخاطر الإفراط باستهلاك مشروبات الطاقة

اخبار العرب -كندا 24: الجمعة 12 ديسمبر 2025 06:39 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان هذا الرجل يتمتع بصحة جيدة ولياقة بدنية عالية في سن الرابعة والخمسين، وكان عداءً شغوفاً لا يعرف العادات السيئة، لم يكن يدخن، أو يستهلك الكحول، أو يتعاطى المخدرات. لذلك عندما شعر فجأة بضعف في الجانب الأيسر من جسمه، وتنميل، وصعوبات في التوازن والمشي والبلع والكلام، سارع أحد أفراد عائلته بنقله إلى أقرب عيادة متخصصة في علاج السكتات الدماغية.

كان ضغط دمه مرتفعاً جدًا، حوالي 254 على 150 مليمترًا زئبقًا، لكنّ مظهره لا يشي بذلك مطلقًا، لأنه كان يبدو بصحة جيدة. لهذا السبب يُطلق على ارتفاع ضغط الدم اسم القاتل الصامت، وفق الدكتور سونيل مونشي، طبيب استشاري لدى مستشفيات جامعة نوتنغهام التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة. 

ومونشي، المؤلف الرئيسي لتقرير الحالة الطبية عن المريض، عامل مستودع من حي شيروود في مدينة نوتنغهام الإنجليزية، ولم يُذكر اسمه حفاظاً على خصوصيته. ونُشر التقرير، في دورية BMJ Case Reports، الثلاثاء.

ويعتبر ضغط الدم الطبيعي للبالغين أدنى من 120 على 80 مليمترًا زئبقيًا. أما ضغط الدم  الذي يبلغ 180 على 120 أو أعلى فيعد حالة طبية طارئة تستدعي رعاية طبية عاجلة.

وقال مونشي: "كان لديه تنميل في الجانب الأيسر، وأظهرت الفحوص أنه أصيب بسكتة دماغية في الجزء العميق من الدماغ، أي المهاد، وهذا يفسّر فقدان التوازن. أُدخل المستشفى وعالجناه بخمسة أدوية مختلفة إلى أن انخفض ضغطه إلى 170".

بعد عودته إلى المنزل، بدأ ضغط الرجل في الارتفاع مجددًا، ليصل إلى 220 رغم تلقي العديد من الأدوية. وبحث مونشي وفريقه لأسبوع كامل عن الأسباب، وأجروا فحوص مكثفة جاءت نتائجها سلبية. ثم في أحد الأيام أخبرهم الرجل عن عادة شربه لمشروبات الطاقة.

قال مونشي: "كان يشرب يوميًا ثماني عبوات قوية من مشروبات الطاقة ليبقى متيقظًا في عمله، عبوتين أربع مرات في اليوم، كل علبة كانت تحتوي على 160 مليغرامًا من الكافيين. وفجأة أصبح التشخيص واضحًا".

من جانبها، أوضحت الدكتورة مارثا كويل، المؤلفة الأولى للدراسة والمقيمة في مستشفيات جامعة نوتنغهام، أن بعض مشروبات الطاقة قد تحتوي على نحو 500 مليغرام من الكافيين، مقارنة بـ30 مليغرامًا في الشاي و90 مليغرامًا في القهوة.

وأضافت: "في المملكة المتحدة، توصي الإرشادات بتناول 400 مليغرام من الكافيين يوميًا، أي ما بين كوبين إلى أربعة أكواب. هذا الرجل كان يستهلك 1,200 إلى 1,300 مليغرام، أي ثلاثة أضعاف الكمية الموصى بها".

كما توصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بعدم تجاوز 400 مليغرام يوميًا.

بعد أسابيع فقط من توقفه عن تناول مشروبات الطاقة، عاد ضغط دم الرجل إلى وضعه الطبيعي. واليوم، وبعد سنوات من الحادثة، يتمتع بصحة جيدة لكنه ما زال يعاني من آثار السكتة الدماغية.

وقال الرجل لأطبائه: "لم أكن أدرك مدى خطورة مشروبات الطاقة على صحتي.. وما زلت أعاني من تنميل في يدي اليسرى وأصابعي وقدمي وأصابع قدمي حتى بعد مرور 8 سنوات".

والأمر ليس متعلّقًا بالكافيين فقط. فمشروبات الطاقة اليوم تحتوي أيضًا على مكونات ترفع ضغط الدم مثل الحمض الأميني تورين، بحسب مونشي.

وأوضح مونشي أنّ "مشروبات الطاقة التي تحتوي على الكافيين بالإضافة إلى التورين، ترفع ضغط الدم بدرجة أعلى بكثير من الكافيين وحده. كما أنها تحتوي على مستويات عالية من الغلوكوز، ونحن نعلم أنّ السكر يتلف الأوعية الدموية لدى مرضى السكري ما يؤدي إلى أذى في القلب".

كما تحتوي هذه المشروبات عادة على "الجينسنغ"، الذي يؤثر على عمليات التمثيل الغذائي، وعلى "الغوارانا"، وهو نبات يُعتقد أن تركيز الكافيين فيه ضعف تركيزه في حبوب القهوة، وفقًا للدراسة. وتُضاف أيضًا منشطات أخف مثل "الثيوفيلين" الموجود في الكاكاو، و"الثيوبرومين" الموجود في الشاي، بحسب ما ذكرته كويل.

ويمكن لمثل هذه المشروبات أن تسبب اضطرابات في نظم القلب، وتلفًا في البطانة الداخلية للأوعية الدموية، وتجمعًا للصفائح الدموية، على حد قول مونشي.

وأضاف: "عندما تتجمع الصفائح الدموية، خاصة مع ارتفاع الغلوكوز، يمكن أن تتكون جلطات. وغالبًا ما يكون الشباب مستعدين لتجربة مشروبات الطاقة، خصوصًا عند مزجها مع مخدرات مثل الكوكايين أو الميثامفيتامين التي لها تأثيرات مشابهة، وهذا المزيج كله يمكن أن يسبب فوضى".

وتزخر الأدبيات الطبية بأمثلة عن أضرار مشروبات الطاقة، لذا فإن هذه الحالة، رغم كونها صادمة، ليست حدثًا معزولًا، وفقًا لمونشي.

وقال: “لقد رأينا مرضى آخرين أصيبوا بخفقان قلبي غير منتظم، ما نسميه الرجفان الأذيني. وأصيب مريض آخر بنزيف داخل الدماغ، بينما أصيب آخر بسكتة دماغية بسبب جلطة دموية”.

ويعتقد مونشي أن على الأطباء أن يصبحوا أكثر وعيًا بتأثير مشروبات الطاقة وأن يسألوا عنها خلال الفحوصات الروتينية، "خصوصًا عندما يأتي أشخاص أصغر سنًا بمشاكل قلبية أو سكتات دماغية".

وأضاف: "نوعية هذه المشروبات تتغير. إنها تصبح أكثر خطورة وأكثر قوة. نقترح زيادة تنظيم بيع مشروبات الطاقة وحملات توعية، لأن الإعلانات غالبًا ما تستهدف الفئات الأصغر سنًا".