Arab News 24.ca اخبار العرب24-كندا

«منبوذ حيّاً وميتاً»... لغز المتعاونين الفلسطينيين في الظلّ الإسرائيلي

اخبار العرب -كندا 24: الأربعاء 31 ديسمبر 2025 10:39 صباحاً في واحدة من أكثر قصص الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي التباساً، تكشف حكاية خليل دواس عن المصير المعقّد والغامض للفلسطينيين المشتبه بتعاونهم مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، حيث تختلط الخيانة بالضغط، والسرية بالعنف، وتنتهي القصة غالباً خارج أي سردية واضحة.

ففي 14 أكتوبر (تشرين الأول)، سلّمت حركة «حماس» أربع جثث إلى إسرائيل ضمن عملية تبادل للجثامين جرت في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بوساطة أميركية.

وأكدت الفحوصات الإسرائيلية سريعاً هوية ثلاث جثث تعود لجنود قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر 2023، فيما أعلنت أن الجثمان الرابع لا يعود لأي جندي إسرائيلي، غير أن «حماس» أصرّت على روايتها، قائلة: «إنه واحد منكم»، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

وبين الروايتين، برز اسم خليل دواس، الفلسطيني الذي تحوّل، وفق مصادر محلية، إلى رمز لـ«المنطقة الرمادية» في هذا الصراع، حيث لا يُقبل صاحبه في مجتمعه، ولا لدى الجهة التي يُشتبه بتعاونه معها.

وُلد دواس في جباليا شمال قطاع غزة، وانتقلت عائلته لاحقاً إلى الضفة الغربية، حيث استقرت في قرية تل قرب نابلس، قبل أن يحطّ رحاله في مخيم عقبة جبر للاجئين في أريحا. هناك، التحق في شبابه بإحدى الفصائل الفلسطينية، واعتُقل لاحقاً مرتين لدى إسرائيل، أمضى خلالهما أكثر من ست سنوات في السجون، كان آخرها اعتقالاً إدارياً عام 2020 في سجن «عوفر».

ويعتقد سكان المخيم أن تلك الفترة شكّلت نقطة التحوّل في حياته، فبحسب شهادات محلية، بدأ سلوكه يتغير بعد الإفراج عنه، وظهرت مؤشرات أثارت الشكوك، من بينها بيع ذخيرة بأسعار زهيدة وطرح أسئلة وُصفت بأنها «غير مألوفة». ومع اقتحام إسرائيلي واسع للمخيم مطلع عام 2023، تحوّلت الشكوك إلى اتهامات علنية.

وفي فبراير (شباط) من ذلك العام، اقتحمت القوات الإسرائيلية مخيم عقبة جبر بعد حصار استمر أياماً، وأسفر الهجوم عن مقتل خمسة فلسطينيين. وبعد أيام، أوقفت السلطة الفلسطينية دواس للاشتباه بتعاونه مع إسرائيل، لكنها أفرجت عنه لاحقاً لعدم كفاية الأدلة، إلا أن الإفراج لم يُعِد له مكانته؛ إذ بات منبوذاً داخل مجتمعه، وتعرّض للاعتداء، قبل أن يُجبر على مغادرة أريحا.

سيارات «الصليب الأحمر» تنقل جثمان هدار غولدن في قطاع غزة نوفمبر الماضي (رويترز)

وبعد خروجه من المخيم، اختفى أثر دواس تماماً. ولم يُعرف عنه شيء لمدة عام كامل، إلى أن أعلنت «حماس» في مايو (أيار) 2024 أن مقاتليها قتلوا جنوداً إسرائيليين داخل نفق في جباليا. وبعد أيام، بثّت الحركة مقطع فيديو لجثة ترتدي زياً عسكرياً. كانت الجثة، بحسب من عرفوه، لخليل دواس.

ورغم وضوح هويته، بقيت الأسئلة معلّقة: كيف وصل إلى هناك؟ وبأي صفة؟ ولماذا كان يرتدي زياً عسكرياً إسرائيلياً؟ أسئلة بلا إجابات، تعكس طبيعة هذا الملف المسكوت عنه.

لاحقاً، وبعد تسليم الجثامين، عرضت إسرائيل إعادة جثمان دواس إلى عائلته، غير أن العرض قوبل بالرفض. ويقول مسؤول فلسطيني في أريحا: «كان هناك إجماع على أن قبول الجثمان سيُفهم على أنه تساهل مع الخيانة. لذلك رُفض، حيّاً وميتاً».

في المجتمع الفلسطيني، يُعد الاتهام بالتعاون وصمة لا تزول، تمتد آثارها إلى العائلة والمقبرة معاً. وفي كثير من الحالات، تُمنع الجنازات أو تُؤجَّل، وقد يُرفض دفن الجثمان خشية ردود الفعل.

ويخلص باحثون إلى أن ملف المتعاونين يبقى من أكثر الملفات حساسية: محرجاً لإسرائيل، ومثقلاً بالخزي للفلسطينيين، ومحاطاً بصمت كثيف يجعل الوصول إلى الحقيقة شبه مستحيل.

حتى اليوم، لا يُعرف أين دُفن خليل دواس، إن دُفن أصلاً. قصة انتهت كما بدأت: في الظل، بلا اعتراف، وبلا قبول.

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

أخبار متعلقة :