اخبار العرب -كندا 24: الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 10:39 صباحاً فرض المسار البحري الرابط بين السواحل الجزائرية والإسبانية نفسه خلال عام 2025، بوصفه من أشد طرق الهجرة دموية في غرب البحر الأبيض المتوسط، بعدما حصد أرواح 1037 شخصاً بين قتيل ومفقود. هذا ما خلص إليه التقرير السنوي للمنظمة الإسبانية غير الحكومية «كاميناندو فرونتيراس»، التي تكرّس منذ عام 2001 جهودها لتوثيق الانتهاكات الجسيمة للحق في الحياة، التي يتعرض لها المهاجرون في عرض المتوسط وعلى حدود أوروبا.
وثق التقرير، الذي جاء بعنوان «رصد الحق في الحياة - 2025»، 121 حادث غرق على هذا المسار البحري وحده، الذي يسلكه في الأساس مهاجرون يغادرون الجزائر متجهين نحو جزر البليار والساحل الشرقي لإسبانيا. وباتت ما تُعرف بـ«طريق الجزائر» اليوم أكبر مقبرة مفتوحة للمهاجرين على الطرق البحرية المؤدية إلى إسبانيا عبر المتوسط، محققة الصدارة في عدد الوفيات، ومؤكدة خطورة هذا الممر الذي أصبح يكتسي طابعاً قاتماً بشكل متصاعد.
* ارتفاع معدلات الوفيات
على مستوى كل الطرق المؤدية إلى إسبانيا، فقد 3090 مهاجراً حياتهم، أو عُدّوا مفقودين، خلال عام 2025 بجميع المسارات. وبذلك تمثل الرحلات المنطلقة من الجزائر أكثر من ثلث الوفيات المسجلة. ومن بين هؤلاء الضحايا 192 امرأة و437 طفلاً ومراهقاً، وفق ما ورد في التقرير نفسه.
وتضاعفت تقريباً نسبة الوفيات في الطريق الجزائرية مقارنة بعام 2024، حيث وثقت المنظمة الإسبانية غير الحكومية 517 حالة وفاة. وفي إطار إحصاء عدد الضحايا، أكد التقرير اختفاء أثر 47 قارباً بالكامل خلال 2025، دون العثور على ناجين أو جثث. وتتعلق حوادث الغرق هذه بشكل خاص بالرحلات الطويلة، التي تتجاوز أحياناً 300 كيلومتر، باتجاه جزر إيبيزا وفورمينتيرا ومايوركا. وكانت غالبية القوارب زوارق صغيرة، أو قوارب صيد مكتظة، وغير مجهزة لمواجهة الظروف البحرية القاسية، وفق الملاحظات التي تضمنها التقرير.
وأشارت الوثيقة نفسها إلى أن كثيراً من حوادث الغرق سبقتها نداءات استغاثة لم تلقَ استجابة سريعة، مع تأخر في عمليات البحث، لا سيما في المناطق البعيدة عن الخطوط التجارية. ونددت المنظمة غير الحكومية بـ«التقاعس عن واجب الإغاثة»، وهو أمر تفاقم بسبب ضعف التنسيق بين الدول وغياب آليات إنقاذ دائمة، وفق ما قالته.
* فئات جديدة من المهاجرين
مما تضمنه التقرير أن الرحلات المنطلقة من الجزائر أصبحت تشمل منذ 2025 فئات متنوعة من المهاجرين: رجال، ونساء، وعائلات، وقُصّر. وتؤكد المنظمة أن «الطريق الجزائرية» باتت من الممرات الرئيسية للهجرة نحو إسبانيا، وأشدها خطورة، لافتاً إلى أن هذا الممر البحري في حوض المتوسط «ظل لفترة طويلة بعيداً عن الأضواء الإعلامية».
ومنذ عام 2018، وثقت «كاميناندو فرونتيراس» أكثر من 28 ألف قتيل ومفقود في مجموع الطرق البحرية، التي تربط شمال وغرب أفريقيا بإسبانيا. وعدت المنظمة أن الارتفاع الأخير للضحايا في «الطريق الجزائرية» يشكل «إشارة إنذار كبرى»، داعيةً إلى تعزيز عاجل لآليات البحث والإنقاذ، وتحسين التنسيق بين الدول المطلة على المتوسط لحماية الحق في حياة المهاجرين.
وواجه أرخبيل جزر البليار في صيف 2025 موجة غير مسبوقة من وصول المهاجرين، في ذروة الموسم السياحي، وفق التقرير ذاته، الذي أبرز أن «الطريق التي تربط الجزائر بجزر البليار، وهي أقل خضوعاً للمراقبة، أصبحت أعلى تفضيلاً واستخداماً بشكل متنامٍ، بينما جرى تشديد الرقابة على طرق الهجرة من تونس والمغرب وموريتانيا على وجه الخصوص».
ونقل الموقع المختص «مهاجر نيوز»، في هذا الشأن تحديداً، عن «أحد العاملين في المجال الإنساني»، أن «القوارب كانت تصل تقريباً كل يوم هذا الصيف، وكانت هناك أيضاً جثث ومفقودون... إنها أوضاع غير طبيعية لم نكن نشهدها العام الماضي».
تنسيق أمني جزائري - إسباني
في ضوء هذا المنحى الخطير الذي اتخذته الهجرة السرية، زار وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، الجزائر في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث بحث مع سلطاتها وقف تدفقات المهاجرين. وصرح في أعقاب اجتماعه بنظيره الجزائري، سعيد سعيود، بأن البلدين «يواجهان اليوم تحدياً مشتركاً يتمثل في ضغط الهجرة عبر طرق البحر الأبيض المتوسط»، مؤكداً أن الحكومة الإسبانية «تدرك تماماً أنها تواجه ضغطاً كبيراً بسبب تدفقات الهجرة غير النظامية عبر دول العبور، وهو ما تشهده الجزائر أيضاً، (هجرة عكسية من دول جنوب الصحراء)، حيث تبذل الدولة جهوداً كبيرة لمواجهة هذه الظاهرة بكل الوسائل الممكنة».
من جهته، أشاد الوزير سعيود بنتائج الاجتماع الأمني الذي عقده البلدان في أغسطس (آب) 2025 بمدريد، والذي خصص لمكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة، وأسفر عن إعداد برنامج تدريبي للفترة من 2025 إلى 2026 يهدف إلى تعزيز قدرات الوحدات الخاصة بمكافحة الهجرة وتقوية آليات التصدي لها.
وعلى هامش الاجتماع الوزاري، تطرق سعيود إلى «ملف القاصرين السبعة»، الذين غادروا البلاد نحو جزر البليار الإسبانية مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي؛ وهي حادثة أثارت جدلاً سياسياً ومجتمعياً واسعاً. وأكد المسؤول ذاته «استمرار الجهود الدبلوماسية والقانونية لاستعادتهم»، مشيراً إلى أن السلطات الجزائرية «استوفت كل المتطلبات والملفات التي طلبها القضاء الإسباني»، معرباً عن «تفاؤله باستجابة إيجابية وشيكة لطلب الجزائر القاضي بإعادتهم».
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




