
النزوح المستمر أنهك عائلات غزة
❖ غزة - محمـد الرنتيسي
أصداء الحرب الاقتلاعية التهجيرية على قطاع غزة، التي استعرت على مدار حولين كاملين، ما زالت تتردد في خيام النزوح التي تفترش رقاع القطاع من شماله إلى جنوبه، ما يؤشر على سلوك ونهج عدمي وإجرامي، مارسه كيان الاحتلال بحق المدنيين العزل.
مِن صور المعاناة التي تستحق تسليط الأضواء باتجاهها، تلك التي عاشتها عائلة النجار في خان يونس، عندما نزحت منذ الساعات الأولى للحرب، التي شنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة مع غروب شمس السابع من أكتوبر، وما زالت حتى يومنا هذا، تعاني ويلات التشريد، والبعد عن الديار. حياة عائلة النجار، بدت حافلة بكل معاني البؤس والحرمان، رغم أنها تحمل في ثناياها أهدافاً سامية، بالثبات والصمود على الأرض، أمام كل محاولات الاقتلاع والتهجير، وربما لم تجد حيزاً واسعاً لخيامها، بعد أن ضاقت عليها الأرض بما رحبت، فاضطرت أخيراً لاستئجار قطعة أرض، كي تنصب خيامها عليها. يقول وسام النجار، إن عائلته كانت في طليعة العائلات التي نزحت بفعل القصف الوحشي، والغارات العنيفة، وكان ذلك مع الساعات الأولى لإعلان جيش الاحتلال الحرب على قطاع غزة، ولم تتمكن من العودة إلى خان يونس، حتى بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، لأنها فقدت كل منازلها وأراضيها.
«هي خطوة مؤلمة، وتركت في نفوسنا أثراً كبيراً، إذ خرجنا من بيوتنا بملابسنا الصيفية، معايشة للهدف الأسمى بأن نبقى على أرضنا، واضطررنا للسير مسافات طويلة مشياً، لعدم وجود مركبات تقلنا، حتى استقر بنا المقام على شاطz البحر، دون طعام أو شراب، أو إمكانيات، وما زلنا على هذا الحال، بل إن ظروفنا ازدادت قساوة، مع حلول فصل الشتاء، ومع ارتفاع موج البحر، لم يكن أمامنا غير استئجار قطعة أرض، كي نقيم عليها» أضاف النجار، مبيناً أن المشقة التي واجهتها عائلته، لم يسبق أن عاشت مثلها، حتى وهي تستذكر حكايات الآباء والأجداد عن نكبة عام 1948.
ويستذكر مسلم النجار، قريته خزاعة، القريبة من خان يونس، والتي كانت من أجمل قرى قطاع غزة، وhحد أهم سلالها الغذائية، على حد تعبيره، مبيناً أن عائلته كانت في رغد من العيش، من خلال الأرض والعمل في الزراعة، بل وتصدّر الخير والسعادة للقرى المجاورة، لكن بعد 7 أكتوبر، بدأت معاناة العائلة مع الساعات الأولى للحرب، موضحاً «لأننا على تجربة سابقة مع الاجتياحات الإسرائيلية، كنا نعي ما يجري، فنزحت عائلة النجار في نفس اليوم وتفرق جمعها في أماكن مختلفة من قطاع غزة، لتبدأ المعاناة الحقيقية».
ويلفت ناجي النجار، إلى أن عائلته أصبحت بلا أي مصدر رزق، يسعفها في تأمين أبسط مقومات الحياة، مناشداً الجهات المختصة والمنظمات الحقوقية، إنقاذ عائلته من براثن الحاجة. ويروي أنه لم يعش مثل هذه التجربة في حياته، فالنزوح مع الأطفال والنساء، وسلوك طرق وعرة، أمر متعب، ناهيك عن الرعب والخوف، الناتج عن إطلاق النار المتكرر، وأصوات الانفجارات التي لا تهدأ، والبرد الذي أخذ يفتك بالنازحين، في ظل النقص الحاد في الأغطية، ووسائل التدفئة، والمستلزمات الشتوية. عائلة النجار، التي كانت في مقدمة طلائع النازحين، ما زالت تنبض حباً لأرضها والتصاقاً بها، وتتطلع إلى اليوم الذي تعود فيه إلى منازلها، وإن كانت ركاماً، فالعيش في أكنافها، يمنحها جرعة أمل، كما تقول، فمن يردّها من غربتها؟.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير


