
شعار اليوم الوطني للعام 2025
الدوحة - قنا
يأتي اليوم الوطني للدولة، ليعزز أهمية الهوية، ودورها في تحقيق التنمية الشاملة للوطن، فضلاً عما تشكله من أهمية بالغة للغة والتعليم، لتشكل جميعها مرتكزات للنهضة، والتي من خلالها تصيغ قدرة المواطن القطري على الإبداع والمشاركة في بناء مستقبل الوطن.
وفي هذا السياق، أكد مسؤولون وأكاديميون وكُتّاب في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية/قنا/، بمناسبة اليوم الوطني للدولة، أن تعزيز الهوية الوطنية يعد ركيزة أساسية لأي نهضة تنموية، وأن قوة الهوية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوعي أبناء الوطن ودورهم الفاعل في بناء الوطن، والإسهام في مسيرة التنمية الشاملة التي تجعل من الوطن نموذجاً في التماسك والتقدم.
وقال سعادة السيد خالد بن غانم المعاضيد، المدير العام لمركز الوجدان الحضاري، إن تعزيز الهوية الوطنية يعد ركيزة أساسية لأي نهضة تنموية، لافتا إلى أن قوة الهوية ترتبط ارتباطا وثيقا بوعي أبناء الوطن ودورهم الفاعل في بناء بلدهم، والإسهام في مسيرة التنمية الشاملة التي تجعل من الوطن نموذجا في التماسك والتقدم.
وأضاف سعادته، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن حب الوطن والانتماء إليه يعد أكبر دافع من دوافع التنمية حيث يتعاهد أبناء الوطن على تقديم كل جهد يساهم في تنمية بلادهم وتعزيز مسيرتها الحضارية، الأمر الذي يتجلى في شعار اليوم الوطني هذا العام "بكم تعلو ومنكم تنتظر".
وأكد سعادة السيد خالد بن غانم المعاضيد الباحث المتخصص في تاريخ قطر، أهمية الهوية الوطنية بوصفها الإطار الذي يميز الفرد والمجتمع، موضحا أن مفهوم الهوية في العصر الحديث أصبح أكثر تعقيدا في ظل التحولات الثقافية والاجتماعية المتسارعة.
وأوضح أن الهوية هي مجموعة السمات التي تمنح المجتمع تمايزه، وتزداد أهميتها اليوم في ظل وسائل التواصل الاجتماعي التي قربت المسافات بين ثقافات الشعوب، وجعلت العالم أشبه بقرية واحدة، مؤكدا أن المجتمعات لم تعد تستقي قيمها من داخلها فقط، بل من محيط عالمي تهيمن عليه الثقافة الغربية المدفوعة بالعولمة، وهو ما خلق حالة من "السيولة" القيمية التي تروج لفكرة أن كل جيل يضع قيمه الخاصة بمعزل عن الماضي.
وقال: "إن الهوية تتكون من مكون عميق ثابت، وآخر ظاهري متغير، فالمكون العميق يشمل الدين والتاريخ المشترك والعادات والتقاليد، وهو الأساس الذي تستمد منه الهوية والقيم والمبادئ، ويعد المحرك الرئيسي لنهضة الأمم، إذ يوجه سلوك المجتمع وطبيعة علاقاته الداخلية والخارجية، أما المكون الظاهري فيتمثل في العناصر المادية مثل المأكل والملبس والعمارة والفنون، وهو قابل للتجدد بما يحقق التوازن بين الأصالة والانفتاح، مشددا على أن تغير الأساليب الفنية أو العمرانية لا يعني بالضرورة تغيرا في قيم المجتمع الراسخة.
وتابع: أن الدين واللغة والتراث والفنون تعد المصادر الأساسية للهوية الوطنية، حيث يترك المكون العميق منها أثره المباشر على المكون الظاهري، مستشهدا بالكرم كمثال يجمع بين القيمة الدينية والعادة الاجتماعية، وبالفنون القطرية مثل العرضة وفنون البحر التي تحمل أشعارا نبطية تدعو للتوكل على الله ومكارم الأخلاق، مشيرا إلى أن اللغة العربية هي الرابط الأهم بين أفراد المجتمع، كما أكد أن التاريخ المشترك لأهل قطر يمثل ذاكرتهم الجمعية التي يستلهمون منها حاضرهم ومستقبلهم.
وتناول المعاضيد، العلاقة بين الوعي بالهوية والتطور الحضاري والاقتصادي، معتبرا أنها علاقة وثيقة، فوعي الفرد بهويته يعزز وعيه بذاته وموقعه في مسار التطور والتنمية، وهو ما يظهر بوضوح في شعار اليوم الوطني هذا العام "بكم تعلو ومنكم تنتظر"، حيث يظهر الشعار أهمية أن كل فرد في المجتمع، كل في مجاله، مطالب بالاجتهاد والإسهام في مسيرة التنمية للدولة بمختلف مساراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال: إن هذا الوعي يحافظ على قيم المجتمع وثوابته أمام تيارات الحداثة الغربية، ويمنع فقدان الهوية تحت وطأة الرفاه الاقتصادي، وضرب مثالا بموقف قطر الراسخ من القضية الفلسطينية، مؤكدا أن هذا الموقف يفهم من خلال القيم التي تربى عليها جيل اليوم، وأن مبدأ "الغاية لا يبرر الوسيلة" ليس قيمة جديدة، بل متجذرة في التنشئة الاجتماعية منذ عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، وهو ما أكده اختياره التبعية للخلافة العثمانية في حينه.
وفي ما يتعلق بدور الموروث الثقافي في دعم رؤية قطر الوطنية 2030، أوضح سعادته أن الركيزة الاجتماعية في الرؤية تركز على تعزيز الهوية الثقافية والقيم القطرية والإسلامية، وصون تماسك الأسرة والمجتمع، وضمان العيش الكريم للمواطنين ضمن بيئة آمنة ومستقرة تعزز العدالة والمساواة.
وقال: إن الهوية تبنى على ثلاثة مستويات: الفردي، والعائلي (القبلي)، والوطني، وكلما زاد التجانس الثقافي بين أفراد المجتمع، تضاءلت الفروقات بين هذه المستويات، ما يعزز الاستقرار والتوازن، مؤكدا ضرورة أن تكون الهوية الفردية والشخصية حاضرة دون أن تتحول إلى تقليد أعمى، وأن لا تطغى الهوية القبلية على الهوية الوطنية التي تكتسب من الانتماء للوطن.
ومن جانبها، أكدت الأستاذة الدكتورة كلثم علي الغانم، أستاذ علم الاجتماع - غير متفرغ في جامعة قطر، في تصريحات مماثلة لـ /قنا/، أنه في اليوم الوطني للدولة يتجلى الارتباط بين الرسالة التربوية التي جعلت الإنسان محور التنمية، وبين الرسالة اللغوية التي حافظت على حضور اللغة العربية في أوضح صورها، ما يجعل الاحتفاء بهذا اليوم ليس احتفاءً بذكرى فحسب، بل تأكيد على أن الهوية القطرية تستمد قوتها من تعليم يرسخ المواطنة، ولغة تحفظ الأصالة، ورؤية وطنية تجعل المعرفة والثقافة أساسا لبناء المستقبل.
وقالت إنه لذلك، يجسد اليوم الوطني للدولة الالتزام بتقوية أنظمة التعليم ودعم اللغة الوطنية؛ لأن من يحافظ على أدوات تعلّمه ولغته يحافظ على كيانه وهويته، لا سيما في هذا الوقت، الذي يشهد فيه العام تغييرات متسارعة، واصفة اليوم الوطني للدولة بأنه احتفال بإنسان قطر أولا، وبمسار حضاري للدولة جعل من المعرفة واللغة منارتين تشكلان وجدان الوطن، وتوجهان خطواته نحو مستقبل أكثر إشراقا.
وأضافت أن الهوية والحفاظ عليها هدف استراتيجي فعّال يتضمن أنشطة تركز على تعزيز الهوية الثقافية والوطنية بين الكبار والصغار، وأن التعليم واللغة يلعبان الدور الأساسي في تشكيل الهوية الثقافية والوطنية للنشء، وهو ما نستحضره في هذه المناسبة الخاصة باليوم الوطني للدولة.
وحول ما يتم استحضاره خلال اليوم الوطني للدولة، من علاقة انتماء الفرد لثقافة المجتمع والهوية الوطنية، أكدت الدكتورة كلثم الغانم أهمية هذه العلاقة، ضمن استراتيجية وطنية للحفاظ على الهوية، بتضمين مناهج التعليم موضوعات تتعلق بالهوية والمواطنة، مع مشاركة كافة مؤسسات المجتمع في هذا الجانب، بالإضافة إلى توعية الأسرة باتباع طرق تربية والدية تدعم الشعور بالهوية وتعزيز قِيم المواطنة.
أما السيدة مريم ياسين الحمادي، الكاتبة القطرية، فقالت: إن اليوم الوطني، نستحضر فيه قيمة الإنسان باعتباره ثروة الوطن، كما أكّد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، بأن "الإنسان هو أهم لبنات بناء الوطن"، وهو استثمار الوطن، الذي يظهر بالنتائج بأن يدرك الفرد دوره الوطني ومسؤوليته الأخلاقية في تحقيق نهضة وطنه.
وشددت على أن اليوم الوطني فعلُ امتنان للمخلصين والأوفياء، لمن أسّسوا وصانوا، والمنتجين في كل مكان على أرض الوطن، وهو أيضًا فعلُ وَعْي؛ "إذ نراجع فيه علاقتنا بهويتنا، بلغتنا، بقيمنا التي تشكّل الدرع الثقافي والحضاري، لنكون فاعلين في التحوّل وصانعين له، هذا اليوم يتعدى استعادة الماضي، بل تجديد للعهد لنبقى أوفياء ولتمثيل قيم الوطن من تواضع، وكرم، وأخلاق، وشرَف الانتماء، وصون للكرامة الإنسانية".
ونوهت بأن الهوية أكبرُ من أن تُختزل في مظاهر خارجية مرئيةٍ مهما كانت جاذبةً أو راسخةً في الذاكرة الجمعية، فالثوب الوطني، والعَلَم، والاحتفال، هي شواهد حيّة تحيي الانتماء وتجدده، لكنها لا تكفي وحدها لبناء هوية متجذّرة، منوهة "بأن الهوية العميقة هي ذلك التوازن العميق بين المظهر والجوهر؛ بين ما نُعلنُه وما نُمارسه، بين ما نرتديه وما نُجسّده، كما أن الثوب والغترة والعقال ينقل شعور الانتماء والفخر، ورفع العلم يسمو بالمشاعر الوطنية وانتقال بالوجدان لحماس الإنجاز".
وعن سمات وخصائص الهوية الوطنية القطرية التي تميزها عن باقي الشعوب والأمم، لفتت الحمادي، إلى أن الهوية الوطنية القطرية ليست قالبًا جامدًا أو صورة نمطية تتكرر، بل كيان حيّ يتكوّن من قيمٍ متوارثة، وتجارب تاريخية، ورؤى مستقبلية صاغتها القيادة وأفراد المجتمع معًا.
وأضافت: ما يميز الهوية القطرية أنها تشكّلت عند نقطة التقاء نادرة بين الأصالة والانفتاح؛ بين ذاكرة الصحراء وبحر الخليج وأفق العالم، الإنسان في قطر هو محور بنائها وروحها، قيمة الإنسان القطري تنطلق من رؤية تؤمن أن الرقي يبدأ من الداخل، من وعي المواطن، وثقافته، وقدرته على أن يكون شريكًا فاعلًا في مسيرة التنمية، هذه النظرة العميقة رسّخت مفهومًا خاصًا لمعنى الانتماء: انتماء يقوم على المسؤولية والممارسة، ويحييه ترديد الشعارات وتعزيز المظاهر الوطنية غير الاستهلاكية.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




