الجمعة 26 ديسمبر 2025 01:52 صباحاً صدر الصورة، Getty Images
-
- Author, ليبو ديسيكو
- Role, مراسل الشؤون الدينية العالمية
-
قبل 8 دقيقة
وجّه جيسي روميرو، مُقدم البودكاست الكاثوليكي المحافظ، انتقادات لاذعة للبابا لاون الرابع عشر.
يقول روميرو: "على البابا أن يُرشدنا إلى طريق الجنة. ليس له سلطة على الحكومة، وعليه أن يلتزم حدوده".
يعد جيسي روميرو من المؤيدين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لذلك يشعر بالغضب من البابا، المولود في أمريكا، ومن الأساقفة الأمريكيين لانتقادهم سياسة ترامب للترحيل الجماعي.
وتلعب الكنيسة الكاثوليكية دوراً هاماً في الحياة الأمريكية، وفي السياسة أيضاً، نظراً لأن واحد من كل خمسة أمريكيين يُعرف نفسه بأنه مسيحي كاثوليكي.
كما لعبت شخصيات كاثوليكية، مثل نائب الرئيس جيه دي فانس، والناشط القانوني المؤثر ليونارد ليو، دوراً بارزاً في نجاح دونالد ترامب في الانتخابات. كما أن الكاثوليك يُمثلون ركيزة أساسية في الحكومة، ومنهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزيرة التعليم ليندا مكماهون.
إلا أن قضية الهجرة أصبحت نقطة خلاف بين قيادة الكنيسة والحكومة الأمريكية، وكذلك بين الرعية الكاثوليكية.
عندما اجتمع الكرادلة في المجمع الانتخابي لاختيار البابا في مايو/أيار 2025، كان روميرو يأمل في بابا "يشبه ترامب"، أي لديه رؤية مشابهة لرؤية الرئيس.
بدلاً من هذا كرر البابا لاون الرابع عشر، قلقه إزاء معاملة المهاجرين في الولايات المتحدة، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2025، دعا إلى "تأمل عميق" في هذه المسألة. واستشهد البابا بإنجيل متى، وقال إن "يسوع يقول بوضوح تام، يوم القيامة سوف نُسأل: كيف استقبلتم الأجنبي؟".
وبعد أسبوع من تصريحات البابا، أصدر مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة "رسالة نادرة"، أعربوا فيها عن "قلقهم إزاء الوضع المتغير الذي يؤثر على المهاجرين في الولايات المتحدة".
وقال الأساقفة إنهم "منزعجون" مما وصفوه بـ"مناخ الخوف والقلق". وأضافوا أنهم "يعارضون الترحيل الجماعي العشوائي للناس" و"يصلّون من أجل وضع حد للخطاب العنيف واللاإنساني".
يعد هذا تدخلاً هاماً في قضية المهاجرين، لأنها المرة الأولى منذ 12 عاماً التي يستخدم فيها مجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة مثل هذا الخطاب. وقد حظي هذا الخطاب بدعم البابا، الذي وصف البيان بأنه "هام جداً" وحث جميع الكاثوليك و"أصحاب النوايا الحسنة" على الإصغاء إليه باهتمام.
إثارة خلاف مع البابا
صدر الصورة، Getty Images
يقول ديفيد جيبسون، مدير مركز الدين والثقافة بجامعة فوردهام: "أعتقد أن العلاقة متوترة للغاية".
ويضيف جيبسون أن المحافظين كانوا يأملون أن يتبنى البابا لاون تغييراً بعيداً عن سلفه البابا فرنسيس، الذي كان يركز على قضايا العدالة الاجتماعية والهجرة.
ويؤكد جيبسون على أن الكثير من المحافظين "غاضبين. يريدون إسكات الكنيسة"، والتركيز على قضايا مثل الإجهاض.
وهاجم الكاثوليكي المحافظ توم هومان، مسؤول ملف الحدود في البيت الأبيض، الكنيسة ووصفها بأنها "مخطئة"، وأن قادتها "بحاجة إلى تكريس وقتهم لإصلاح الكنيسة الكاثوليكية".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2025، رفضت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، تصريح البابا المولود في شيكاغو بأن معاملة الولايات المتحدة للمهاجرين "لا إنسانية" ولا تتوافق مع معتقدات "مؤيدة للحياة".
ويرى جيبسون بأن حسابات الحكومة الأمريكية في الهجوم على البابا تستند إلى أن هناك "عدداً كافياً من الكاثوليك الأمريكيين، وخاصة البيض، يدعمون الحزب الجمهوري ودونالد ترامب، ما يجعل الدخول في مواجهة مع البابا مفيد سياسياً في نهاية المطاف. هذه حسابات غير مسبوقة".
وكشفت دراسة دينية جديدة أجراها مركز أبحاث الدين العام، أن حوالي 60 في المئة من الكاثوليك البيض يوافقون على طريقة تعامل ترامب مع ملف الهجرة. بينما تنخفض هذه النسبة إلى 30 في المئة بين الأمريكيين من أصول إسبانية، الذين يشكلون 37 في المئة من الكاثوليك في الولايات المتحدة.
صدر الصورة، Getty Images
يتجلى تنامي نفوذ الكاثوليك اليمينيين في الساحة السياسية الأمريكية من خلال جيه دي فانس، الذي اعتنق الكاثوليكية ويقول إن إيمانه يصنع توجهاته السياسية. ورغم تأكيده على أن السياسة الحالية لا تتعارض مع تعاليم الكنيسة، إلا أنه أشار إلى ضرورة التذكير بإنسانية المقيمين في البلاد بصورة غير قانونية.
إلا أن بعض الكاثوليك يرون أن هذا ليس ما يحدث حالياً، من بينهم جين راتنبري، إحدى رعايا كنيسة القديسة جيرترود الكاثوليكية في شيكاغو، المدينة التي نالت اهتمام إدارة ترامب في تطبيق قوانين الهجرة.
في نوفمبر/تشرين الثاني، شاركت راتنبري مع ألفي شخص في قداس حاشد أمام مركز احتجاز تابع لإدارة الهجرة والجمارك في حي برودفيو بشيكاغو. كان "قداس الشعب" جزء من سلسلة فعاليات نظمها ائتلاف القيادة الروحية والعامة.
وتقول راتنبري إن الهدف كان "إيصال المناولة أو القربان المقدس (الخبز والخمر) إلى الناس داخل المركز، وخدمتهم، وهو أمر كان مسموحاً به سابقاً، ولكنه ممنوع الآن".
رفع ائتلاف القيادة الروحية والعامة دعوى قضائية فيدرالية تزعم فيها منعها من تقديم خدماتها الدينية.
تقول السيدة راتنبري: "أفتخر بانتمائي للكنيسة الكاثوليكية، وتؤكد الكنيسة الكاثوليكية، من البابا إلى الأساقفة، على حق المهاجرين في المعاملة باحترام، وعلى حقهم في احترام كرامتهم الإنسانية".
وقد بلغت هذه المشاعر قوة كبيرة دفعت إحدى الكنائس قرب بوسطن إلى استخدام مشهد ميلاد السيد المسيح للتأكيد على أن السيد المسيح كان لاجئاً.
كما استبدلت أبرشية القديسة سوزانا في ديدهام، ماساتشوستس، مجسم المسيح طفلاً بلافتة مكتوب عليها باليد "إدارة الهجرة والجمارك كانت هنا".
وتسبب هذا في شكوى من بعض أعضاء مجتمع الأبرشية، وأمرت أبرشية بوسطن الكاثوليكية بإزالة هذه اللافتة، معتبرة إياها مثيرة للفتنة ومخالفة لقواعد حماية المقدسات. وحتى الآن، لكن أبرشية القديسة لم تمتثل للأمر حتى الآن.
ورغم أن العديد من الكاثوليك الأمريكيين يتبنون مواقف محافظة بشأن قضايا مثل الإجهاض، تماشياً مع موقف الكنيسة، إلا أنهم يميلون أيضاً إلى اعتبار أنفسهم تقدميين أكثر من المسيحيين الإنجيليين البيض، الذين صوتوا بأغلبية ساحقة للحزب الجمهوري في الانتخابات الثلاث الأخيرة. بينما صوت نحو ثلث الكاثوليك البيض للحزب الديمقراطي.
كما أن حوالي ثلث الكاثوليك في الولايات المتحدة ولدوا في بلدان أخرى. يقول ديفيد جيبسون: "هذه كنيسة بُنيت على الهجرة. فالكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة هي كنيسة المهاجرين".
"مخالفة للإنجيل"
صدر الصورة، Getty Images
كان الأسقف جوزيف تايسون من ياكيما، بولاية واشنطن، ضمن 216 أسقفاً أيدوا الرسالة النادرة لمجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة. بينما رفضها خمسة أساقفة فقط ضدها، وامتنع ثلاثة عن التصويت.
ويضيف "هناك اختلاف جوهري في نظرة الكنيسة إلى المهاجرين من رعاياها، مقارنة بنظرة الإدارة الحالية إليهم".
ويقول الأسقف تايسون: "نرى في هؤلاء المهاجرين جوانب إيجابية أكثر بكثير".
وأكد على أنه لا يدعو إلى فتح الحدود، وهي نقطة أشار إليها البابا لاون أيضاً، ولكنه يعارض "الترحيل العشوائي".
ويضيف الأسقف: "عمليات الترحيل التي نشهدها لأبناء رعيتنا ولأبناء شعبنا في الولايات المتحدة ليست دقيقة، ولا تستهدف المجرمين تحديداً".
ويُقدر أن حوالي نصف العائلات في أبرشيته ذات الأغلبية اللاتينية لديها فرد في المنزل يواجه مشكلة ما تتعلق بوضعه القانوني. كما أن الكهنة أنفسهم غالباً ما يكونون مهاجرين، مما يضع الكنيسة في موقف حرج بشكل كبير.
يقول الأسقف تايسون إن أكثر من ثلث رجال الدين الذين تم ترسيمهم كانوا في وقت ما يقيمون بتأشيرة مؤقتة قبل حصولهم على البطاقة الخضراء (غرين كارد)، لكن في ظل الظروف الحالية أصبحت هذه العملية محفوفة بالمخاطر.
وتطرق إلى وضع أحد طلبته في معهد لاهوتي في منطقة شيكاغو، وقال: "هو يحمل تأشيرة T، لكنه كان يخشى القبض عليه عندما حضر عناصر إدارة الهجرة والجمارك".
وأضاف: "يمكن إلغاء أوراق أي شخص، لذا يحمل رجالنا أوراقهم معهم في جميع الأوقات".
ويرى الأسقف تايسون أن السياسة الأمريكية الحالية تتعارض مع تعاليم الكنيسة الكاثوليكية.
ويقول: "ما يحدث يجب أن يكون مصدر قلق لضمائر الكاثوليك في الحياة العامة الذين يؤيدون الترحيل العشوائي". هذا يتعارض مع إنجيل الحياة.
لكن بالنسبة لجيسي روميرو، المؤيد لترامب، فإن أساقفة الولايات المتحدة وحتى البابا هم من يخالفون العقيدة الكاثوليكية. ويجادل بأن التعليم المسيحي، الذي يلخص تعاليم الكنيسة، واضح في وجوب التزام المهاجرين بجميع القوانين، بما في ذلك تلك المتعلقة بدخولهم البلاد.
ويقول روميرو: "لدينا شريحة واسعة من الأساقفة في الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية ممن لديهم نظرة أكثر حداثة وليبرالية وتقدمية للكتاب المقدس واللاهوت".
ويؤكد أنه يصلي من أجل هدايتهم. ورغم أنه يقبل البابا والأساقفة كقادة للإيمان، إلا أنه يرى أن هذا "لا يعني أن آراءهم الشخصية ستكون صائبة في كل شيء. فهم بشر".
ويشدد على أن "الشخص الوحيد المعصوم من الخطيئة هو يسوع. إنه كامل. أما البقية، فعلينا أن نصلي من أجل بعضنا البعض".
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :