الخميس 18 ديسمبر 2025 11:04 مساءً صدر الصورة، Getty Images
-
- Author, ميغان لوتن
- Role, مراسلة شؤون الأعمال - بي بي سي
-
قبل 3 دقيقة
للوهلة الأولى قد يبدو أنّ عبارة "وظائف وهمية" أو "وظائف شبحية" تنتمي لعالم الهالوين، غير أنها في واقع الأمر تشير إلى ممارسة يقوم بها أصحاب الأعمال حين يعلنون عن وظائف شاغرة لا وجود لها من الأساس.
وفي بعض الحالات تكون الوظائف المعلَن عنها قد شُغلتْ بالفعل، لكنْ في حالات أخرى لا يكون هناك وجود أصلاً لهذه الوظائف.
إذ كشفت دراسة أجريت في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، عن أنّ ما يناهز 22 في المئة من الوظائف المعلَن عنها عبر الإنترنت خلال العام الماضي، جرى الإعلان عنها من دون نية حقيقية للتوظيف.
ورفعتْ دراسة منفصلة أجريت في المملكة المتحدة هذه النسبة إلى 34 في المئة.
فيما تشير بيانات حديثة صادرة عن مكتب إحصاءات العمل الأمريكي إلى أنه من بين 7.2 مليون وظيفة جرى الإعلان عنها حتى أغسطس/آب الماضي، لم يتم شغْل سوى 5.1 مليون وظيفة منها.
فلماذا إذن تعلن الشركات عن وظائف وهمية، وكيف تعالج السلطات المعنيّة هذه المشكلة؟
من الولايات المتحدة، يبحث إريك طومسون عن وظيفة في مجال التقنية، وقد أحاطت تجربتُه الساسة في واشنطن العاصمة بالمزيد من المعلومات فيما يتعلق بمشكلة الوظائف الوهمية.
ويقول طومسون، الذي يمتلك خبرة تزيد على 20 عاما في قطاع التقنية، إنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أُخطِر من جانب الشركة التي كان يعمل بها أنهم بصدد الاستغناء عن خدماته.
ليقضي الشهرين التاليين في محاولات فاشلة للبحث عن وظيفة؛ وبالفعل تقدّم طومسون لمئات الفُرص، على حدّ قوله.
يقول طومسون: "بحثتُ في كل مكان تحت الشمس، تقدّمت لوظائف في مستوى خبرتي وأخرى دون هذا المستوى أو أعلى منه".
لكن ما اتضح لطومسون هو أن عدداً من الوظائف المعلَن عنها لا وجود لها من الأساس.
واهتدى طومسون إلى المطالبة بتشريع يحظر على الشركات في الولايات المتحدة الإعلان عن وظائف وهمية.
وبالفعل تمكّن طومسون من التواصل مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي ليتوصّلوا إلى صيغة للتشريع المقترَح، أطلقوا عليه اسم: "الحقيقة في قانون الإعلان عن الوظائف والمساءلة".
ويدعو هذا التشريع المقترَح إلى وضع تواريخ انتهاء للإعلانات عن الوظائف، وتقديم سجلات توظيف قابلة للتدقيق، فضلاً عن توقيع عقوبات على أصحاب الأعمال الذين يعلنون عن وظائف بشكل مضلّل أو عن وظائف لا وجود لها من الأساس.
ويأمل طومسون أن يحظى مثل هذا التشريع برعاية ودعم عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي.
كما شرع طومسون في جمع التوقيعات على عريضة؛ وبالفعل استطاع تجميع أكثر من 50 ألف توقيع.
وإلى جانب التوقيعات، يقول طومسون إنه يتلقى رسائل من أشخاص يشرحون له فيها كيف تضرروا من الإعلانات عن وظائف وهمية – سواء على صعيد ثقتهم بأنفسهم أو على صعيد صحتهم النفسية – فيما يصفه طومسون بأنه "شيء مُخزٍ".
ويشهد المجلس التشريعي في كل من نيوجيرسي وكاليفورنيا مساعي لحظر الإعلان عن وظائف وهمية.
صدر الصورة، Eric Thompson
وفي كندا، تضطلع مقاطعة أونتاريو بالريادة على هذا الطريق؛ فمنذ الأول من يناير/كانون الثاني المقبل سيتعيّن على الشركات الإخطار بما إذا كانت الوظائف المعلَن عنها قد شُغلتْ بالفعل.
كما أخذتْ أونتاريو تخطو خطوات على صعيد معالجة قضية الإعلان عن وظائف وهمية، وكذلك فيما يتعلق بعدم ردّ الشركات على المتقدمين للوظائف.
وسيتعيّن على الشركات التي يزيد عدد الموظفين فيها على 25 شخصاً، في نطاق مقاطعة أونتاريو، أنْ تردّ على مَن تقدموا للوظائف في غضون 45 يوماً من إجراء المقابلات معهم.
لكن هذه الشركات لن تكون مضطرة مع ذلك للاتصال بالأشخاص الذين لم يصلوا إلى مرحلة المقابلات.
وتقول ديبورا هدسون، الحقوقية المختصة بشؤون العاملين في تورنتو، إن هناك شركات "تسعى لتصحيح الأمور".
لكنّ ديبورا تعرب مع ذلك عن قلقها بشأن الطريقة التي سيجري بها تنفيذ القوانين.
تقول ديبورا: "بعد 20 عاما في المجال، أتساءل كيف سيراقبون وينظّمون ذلك. لا أظن الحكومات تمتلك المصادر الكافية للتحقيق، وعليه فقد يُفلت أصحاب الأعمال غير الملتزمين. لكنْ إذا وقع الناس في مشاكل فبإمكانهم الشكوى والتي سيُنظَر فيها بطبيعة الحال".
وبخلاف مقاطعة أونتاريو، فلا يوجد في كندا ولا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ما يُلزم أصحاب الأعمال بالردّ على المتقدمين لشغل الوظائف المعلَن عنها.
ولا يوجد في المملكة المتحدة في الوقت الراهن أي تحركات على صعيد معالجة مشكلة الوظائف الوهمية أو الإعلان عنها.
ومن المملكة المتحدة، وتحديداً ليستر وسط إنجلترا، تقول أيليش ديفيز إنها عانت كثيراً بسبب التقدم لوظائف وهمية سواء في شركات كبرى أو صغرى، مؤكدة أن الأمر "مدمّر للنفسية".
وفي ذلك تقول أيليش: "كم بذلتُ من الوقت والجهد في التقدّم للوظائف، ثم لم يأت أي رد. لقد حطموني".
وتمتلك أيليش أكثر من عشر سنوات من الخبرة في مجال التسويق، وتصف موقفاً تعرّضتْ له حين سألها مدير توظيف في شركة كانت تقدمتْ للعمل بها عن مدى توفُّر الوقت لديها من أجل إجراء مقابلة، وحين ردّت بالإيجاب، لم تسمع منه مرة أخرى.
تقول أيليش: "على أصحاب الأعمال أن يعاملوا المتقدمين للوظائف بطريقة أفضل، في ظل صعوبة الأوضاع حالياً في سوق العمل".
وفي ميامي، بالولايات المتحدة، تعيش جاسمين إسكاليرا التي تعمل مدربة مهنية وخبيرة توظيف.
وتحكي جاسمين أنها سمعتْ أخبار الوظائف الوهمية من المتدربين لديها، وتقول في ذلك: "كانوا يرون الإعلان عن نفس الوظيفة مرة بعد أخرى، ويسألونني هل يتقدمون مرة أخرى لتلك الوظائف؟".
وتضيف جاسمين: "كانوا يذهبون بأرجلهم إلى نفس الثُقب الأسود. إن معنويات المتقدّم لشغل وظيفة تتحطم".
صدر الصورة، newNsight Photography
لماذا إذن تعلن الشركات عن وظائف وهمية؟
ترى جاسمين إسكاليرا عدداً من الأسباب. وتقول إنهم في بعض الشركات يعلنون عن وظائف بهدف تأمين أكبر عدد ممكن من الكفاءات، وليست المسألة في أنهم لا يرغبون في التوظيف وإنما في أنهم لا يرغبون في التوظيف "على الفور".
فيما تحاول شركات أخرى، بحسب جاسمين، التظاهر - عبر الإعلان عن وظائف وهمية - بأنها تحرز نمواً، حتى وإن كان الواقع يقول غير ذلك.
وتضيف جاسمين، بأنها سمعتْ عن شركات تفعل ذلك من أجل الحصول على بيانات للمتقدمين للوظائف بغرض بيعها.
وأياً كانت الأسباب، فإن جاسمين ترى أن هذه الإعلانات عن وظائف وهمية تعطي صورة مُضلّلة عن أسواق الوظائف، والتي يكون لها تبعات سلبية.
وفي ذلك تقول جاسمين: "نستعين بالبيانات لوضع السياسات ولفهم توجّهات السوق، فإذا كانت هذه البيانات مضللة فلن نستطيع وضع السياسات الصحيحة ولا تقديم الدعم اللازم، سواء للباحثين عن وظائف أو للموظفين بالفعل".
وللباحثين عن وظائف، تنصح جاسمين بمحاولة التواصل مع مديري التوظيف أنفسهم، قائلة: "ستعلم ما إذا كانت هناك وظيفة حقيقية في المؤسسة إذا ما تواصلتَ مع أشخاص حقيقيين يعملون في المكان".
لكنها تستدرك مشيرة إلى عدد من العلامات التي ينبغي أن تبعث على الشك في الأمر، ومن ذلك "أن تعلن الشركة عن نفس الوظيفة عدّة مرات في مدة زمنية قصيرة، أو أن يظل الإعلان مفتوحاً لفترة؛ إذْ يُحتمل في تلك الحال أن تكون بصدد وظيفة وهمية".
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :