Arab News 24.ca اخبار العرب24-كندا

لماذا جعلتنا الموضة غاضبين إلى هذا الحد خلال العام 2025؟

اخبار العرب -كندا 24: الأربعاء 31 ديسمبر 2025 06:27 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)--  تُعتبَر الموضة متعةً للحواس، وجمالًا يبعث على الإعجاب، وألمًا أحيانًا.. وفي غرابتها المتعمّدة شيء من الدعابة. لكن في العام 2025، لم تُثر الموضة الإعجاب بقدر ما أشعلت مشاعر أخرى أقوى: غضبًا صريحًا وواضحًا.

تحوّل إعلان الممثّلة الأميركية سيدني سويني الشهير للجينز، أو "الجينات"، كما فهمه البعض، إلى جدل ثقافي واسع، وصل إلى حد تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليه، معتبرًا إياه "أكثر إعلان لافت في الوقت الحالي". وبعد مرور أشهر، ما زالت سويني توضّح موقفها في مقابلاتها، في حين باتت تسريحات شعرها وخياراتها في الملابس تُقرأ من زاوية سياسية.

كما أثار المصمّم الهولندي دوران لانتيك، الذي أصبح لاحقًا المدير الإبداعي لدار جان-بول غوتييه، جدلًا كبيرًا خلال أسبوع الموضة في باريس، بعدما قدّم قطعة على شكل صدر متحرّك، ارتداها عارض أزياء رجل. 

وقد خصّصت الإعلامية الأميركية ميغين كيلي جزءًا من البودكاست الذي تقدّمه للحديث عن الإطلالة، مشيرةً إلى أنّ المجتمع سيبقى منقسمًا بين من يثيرون الصدمة ومن يستغلّونها، ومعتبرةً أن الخيار الوحيد أمام الجمهور يتمثّل بالرفض الواضح والتعبير عن عدم القبول، ومحذّرةً من تجاهل مثل هذه الظواهر.

قد تكون كيلي مستفزّة في طرحها، لكن الحقيقة أنّ معظم من ناقشوا الموضة خلال العام 2025، تعاملوا معها كأن كل شيء على المحك. حتى اللحظات التي تبدو عابرة وبسيطة تحوّلت إلى قضايا كبرى.

أعادت صور سارة بيدجون في دور كارولين بيسيت كينيدي إشعال الجدل حول أسلوب الأيقونة الراحلة في الأزياء.Credit: Jose Perez/Bauer-Griffin/GC Images/Getty Images

فصور الباباراتزي من كواليس مسلسل رايان مورفي الجديد "American Love Story" عن كارولين بيسيت كينيدي وجون إف. كينيدي الابن، أشعلت نقاشات استمرّت أيامًا، حيث سعى مستخدمو "تيك توك" إلى فرض آرائهم باعتبارها المرجع النهائي لأسلوب كارولين بيسيت كينيدي الأنيق.

وفي مثال آخر، أثار اختيار كايلي جينر وجهًا لحملة "ميو ميو" تساؤلات حول ما إذا كانت الدار، المعروفة بطابعها الذكي والمفاهيمي، قد تخلّت عن عمقها لصالح الأسلوب التجاري.

أثار ظهور كايلي جينر في حملة "ميو ميو" تساؤلات حول ما إذا كانت العلامة قد فقدت طابعها الذكي والمفاهيمي. Credit: Lengua/Miu Miu

ولم تسلم "ذا رو"، العلامة الأميركية الهادئة التي تقودها الشقيقتان ماري-كايت وآشلي أولسن، من الجدل، إذ انقلبت فلسفتها القائمة على البساطة والهدوء عليها عندما نشرت إحدى زبوناتها الدائمات، المؤثّرة نيلام أهوجا، مقالًا على منصّة "سابستاك" في أواخر أكتوبر/تشرين الأول أعلنت فيه "انفصالها" عن العلامة.

في العام 2025، لم تعد الموضة مجرد ملابس، بل ساحة نقاش محتدمة، يُقرأ فيها كل تفصيل وكأنه موقف أو رسالة.

ساحة نقاش محتدمة

تحوّل الحديث عن الموضة بحدّ ذاته في 2025 إلى مادة لإثارة الغضب. فخلال عروض أسبوع الموضة في باريس لموسم ربيع–صيف 2026، نشر المصمّم إدوارد بيوكانان رسالة على "إنستغرام" طالب فيها متابعي مواقع التواصل باحترام المصمّمين، منتقدًا التعليقات القاسية التي تطال أعمالهم، وداعيًا إلى نقد ذكي عوض السخرية من خلف الشاشات. لكن هذه الرسالة فجّرت بدورها نقاشًا حادًا: من يملك حق نقد عروض الأزياء؟ هل يجب أن يكون ناقدًا محترفًا حاضرًا في القاعة، أم يكفي أن يكون متابعًا يعبّر عن رأيه عبر وسائل التواصل، حتى لو اقتصر ذلك على خانة التعليقات؟

لم يكن هذا الجدل مفاجئًا، خصوصًا أن الموضة لطالما كانت محرّكًا للاتجاهات، وفي عام اختارت فيه "أوكسفورد" مصطلح rage bait (محتوى مُصمَّم لإثارة الغضب) كلمة العام. فحتى عندما يحاول المصمّمون أو العلامات التجارية أن يكونوا خفيفي الظل أو يلبّوا ما يظنّون أن الجمهور يريده، تأتي ردود الفعل غالبًا مشبعة بالضيق والاستياء.

سروال داخلي وزفاف بيزوس-سانشير

ويُعد السروال الداخلي المزوّد بشعر اصطناعي، الذي أطلقته نجمة تلفزيون الواقع الأميركية كيم كارداشيان، من أكثر القطع إثارةً للجدل هذا العام، إذ بدا كحيلة دعائية أكثر منه منتجًا حقيقيًا، وفجّر نقاشات مبالغًا فيها حول العري وحدوده. 

كذلك، تحوّل زفاف سانشيز–بيزوس إلى محاكمة علنية لذوق أصحاب المليارات، حيث عبّر كثيرون عن اشمئزازهم من غلاف مجلة "فوغ" الذي ظهرت عليه لورين سانشيز، رغم تسابقهم في الوقت عينه لقراءته وتحليله.

أطلقت مجموعات المصممين لهذا الموسم، من "ديور" و "شانيل" و"بوتيغا فينيتا" و"جان بول غوتييه" وغيرها، نقاشات حادة حول جودة الموضة الراقية وطبيعة النقد في عالم الأزياء نفسه.Credit: Victor Virgile/Gamma-Rapho/Getty Images

شهدت صناعة الموضة خلال العقد الماضي تحوّلات جذرية، مع تصاعد الاتهامات بالاستيلاء الثقافي وغياب التنوّع، وهي نقاشات انطلقت أساسًا من وسائل التواصل الاجتماعي. شعر كثيرون آنذاك بأن انتقاد العلامات الكبرى قد يقود إلى تغيير حقيقي، خصوصًا أن الموضة كانت من أوائل المجالات التي عرفت "ثقافة الإلغاء". وفي المقابل، اتّسمت هذه المرحلة بحرية إبداعية غير مسبوقة.

ومع صعود "إنستغرام"، بدأت العروض تُصمَّم لإنشاء لحظات قابلة للانتشار، من أفكار صادمة مثل الفستان المرشوش على الجسد من علامة "كوبيرني" الفرنسيّة ، إلى عروض أكثر رمزية مثل عرض "بالنسياغا" وسط عاصفة ثلجية اصطناعية. وقد فتحت هذه العروض باب المتابعة للجميع بعدما كانت أسابيع الموضة حكرًا على نخبة محدودة. ورغم الانتقادات، مثل اتهام مصمّمها ديمنا بتجميل أزمة اللاجئين، نادرًا ما تحوّلت هذه النقاشات إلى أزمات كبرى.

تغيّر ذلك في أواخر العام 2022، عندما وُجّهت إلى العلامة التجارية الإسبانيّة اتهامات بتسييس الأطفال في حملات إعلانية مثيرة للجدل. عندها، دخلت الموضة في قلب نقاش ثقافي وسياسي أوسع وأكثر حدّة. واعتذر ديمنا رسميًا، معترفًا بسوء الاختيار الفني، ومؤكّدًا أن إشراك الأطفال في هذا السياق كان غير مناسب.

تغيّر دور وسائل التواصل الاجتماعي

منذ تلك اللحظة، بدأ دور وسائل التواصل يتغيّر؛ فلم تعد منصّات لعرض الصور والحياة المثالية فقط، بل مساحات لتبادل الأفكار والآراء. لم يعد الناس ينشرون ليبيعوا حلمًا، بل لأن لديهم موقفًا يريدون التعبير عنه. لذلك، انتقل كثير من العاملين في عالم الموضة من "إنستغرام" إلى منصّات مثل "سابستاك"، حيث أصبحت الأفكار والنقاشات أهم من الصور.

فهل يحمل العام 2026 خطابًا مختلفًا؟ يصف صانع المحتوى رايان ييب ما يحدث بـ"هوس الموضة"، معتبرًا أننا نصنع الجدل بأنفسنا لأن ما تقدّمه العلامات لم يعد يحرّكنا. فبدافع الملل، نبحث عن أي نقاش أو صدام لنشعر بشيء ما. 

ربما يكمن الحل في تجاوز لحظات الاستفزاز المصمَّمة لخوارزميات التواصل، والتركيز عوض ذلك، على الفضول والاكتشاف، وعلى المصمّمين الأصغر أو الأصوات التي لا تسعى لجذب الانتباه بأي ثمن. لعلّنا عندها نخرج من هذه الدوّامة، ونجد مساحة أكثر عمقًا وإلهامًا.

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

أخبار متعلقة :