اخبار العرب -كندا 24: الأربعاء 17 ديسمبر 2025 05:15 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ارتفعت معدلات التلوث المسبِّبة للاحتباس الحراري بشكلٍ كبير بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وأطلقت محركات المهندس جيمس وات البخارية الثورة الصناعية عام 1769. قبل ذلك، كان البشر يزيلون الغابات بهدف الزراعة لآلاف السنين، ما أدى إلى إطلاق الكربون من الأشجار والنباتات في الغلاف الجوي.
لطالما اعتمدت شدة الاحتباس الحراري على الإطار المرجعي المستخدم، أي درجة حرارة الكرة الأرضية التي اعتُقِد أنّها كانت طبيعية قبل أن يبدأ البشر بالتأثير عليها. ولكن أي عام يمثِّل تلك اللحظة تحديدًا؟
هذا ما يجعل مجموعة البيانات الجديدة لدرجات الحرارة، الصادرة عن مجموعة من العلماء في المملكة المتحدة، لافتة للنظر للغاية.
عادةً، ما تعتمد مجموعات البيانات التي تُستخدم لدراسة التاريخ الحديث لمناخ الأرض على سجلات تبدأ من عام 1850، حيث تجد أن العالم يقترب من تجاوز عتبة ارتفاع بدرجات الحرارة تبلغ 1.5 درجة مئوية.
لكن تعود البيانات الجديدة إلى فترة أقدم، أي عام 1781.
هذا الإطار الزمني الموسَّع مهم خاصة أنّ غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي زادت بنسبة 2.5% بين عامي 1750 و1850، وهي نسبة كافية لإحداث بعض الاحترار الذي لم تأخذه البيانات بعين الاعتبار.
يساهم سجل درجات الحرارة الجديد، الذي يُدعى "GloSAT"، في تعزيز الشعور المتزايد بين العلماء بارتفاع درجة حرارة الأرض بشكلٍ يتجاوز ما تشير إليه الحسابات المستندة إلى عام 1850 كنقطة بداية.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة والعالم في مركز "هادلي" التابع لمكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، كولين موريس: "اختير عام 1850 كنقطة بداية لاعتبارات عملية بشكلٍ أساسي، نظرًا للمعلومات المتاحة. من المؤكد أنّ عام 1850 لم يكن بداية التحول الصناعي".
تُظهر مجموعة البيانات الجديدة، التي نشرها 16 عالمًا في مجلة "Earth System Science Data"، أنّ الأرض كانت أكثر برودة بشكلٍ ملحوظ من أواخر القرن الـ18حتى عام 1849، مقارنةً بالفترة بين عامي 1850 و1900، وهي الفترة التي حدّدها العلماء كفترة مرجعية لـ"ما قبل الصناعة" لتقييم تغير درجة حرارة الكوكب.
مع ذلك، حذّر العلماء أنّه لا يمكن عزو الاحترار بأكمله بين الفترتين المبكرتين إلى الأنشطة البشرية.
تشمل العوامل الأخرى انفجارين بركانيين قويين للغاية في أوائل القرن الـ19، كان لهما تأثير تبريدي ملحوظ على الكرة الأرضية.
انتشرت الجسيمات الناجمة عن هذه الانفجارات في طبقة الستراتوسفير حول الكوكب، وحجبت بعض أشعة الشمس.
شكّل بعض الاحترار الذي حدث بحلول أواخر القرن الـ19 تعافيًا طبيعيًا من تأثير التبريد الناتج عن هذه الانفجارات. لكن ربما ليس ذلك فحسب.
استنتجت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وهي السلطة الرائدة بعلوم المناخ، في عام 2021 أنّه من المحتمل حدوث بعض الاحترار الناتج عن النشاط البشري بين عامي 1750 و1850، مقدرةً أنّ الأمر ساهم بارتفاع درجة الحرارة بمقدار يتراوح بين 0 و0.2 درجة مئوية.
كان العدد الذي خلص إليه العلماء وراء سجل "GloSAT" في منتصف هذا النطاق تمامًا.
ساهم موريس والعديد من الباحثين في دراسة ثانية، قُبِلت في مجلة "Environmental Research Letter"، تَستخدم مجموعة البيانات الجديدة ونماذج المناخ لتحليل مقدار الاحترار الإضافي الذي ربما تسبب به البشر بين عامي 1750 و1850.
خلصت هذه الدراسة، التي قادها أندرو بالينجر من جامعة إدنبرة، إلى أنّ 0.09 درجة مئوية من الاحترار تعود إلى النشاط البشري، على خلاف عوامل أخرى، مثل تضاؤل أثر الانفجارات البركانية الكبيرة التي حدثت في أوائل القرن الـ19.
موازين الحرارة القديمة وسجلات السفنلم يكن أحد يراقب تغيرات درجة الحرارة العالمية قبل 300 عام، لكن وثّق الكثيرون تغيرات درجة الحرارة المحلية، ما يُساهم بمساعدة الباحثين المعاصرين على فهم ما كان يحدث على نطاقٍ عالمي.
تعود السجلات الحديثة المبكرة إلى القرن الـ17.
بدأت القياسات في أوروبا، باتباع مسار الثورة العلمية بشكلٍ عام، ومن ثمّ انتشرت إلى أمريكا الشمالية وحول العالم.
استُخدِمت سجلات الحرارة القديمة جدًا هذه في تحليل "GloSAT" الجديد، وهي تُظهر كمية كبيرة جدًا من الاحترار في بعض المواقع.
لكن ما مقدار القياسات المحلية التي نحتاج إليها قبل أن تتمكن من استنتاج درجة حرارة الكوكب بأكمله؟ وماذا عن المحيطات؟
قامت السفن بقياس درجة الحرارة في القرن الـ18، وإن لم يكن ذلك بشكل منهجي كما فعل الناس على اليابسة.
على سبيل المثال، كانت شركة الهند الشرقية البريطانية تقيس ضغط الهواء، ودرجة الحرارة، وغيرها من البيانات أثناء رحلاتها البحرية للتجارة بالحرير والتوابل، وأحيانًا الأشخاص الذين كانوا يخضعون للعبودية، بين أوروبا، والهند، والصين ،ومواقع أخرى في أواخر القرن الـ18.
كما كانت العديد من سفن صيد الحيتان تقيس درجة الحرارة في المحيط الأطلسي قبالة سواحل الولايات المتحدة.
بسبب مسارات التجارة، كانت قياسات درجات حرارة الهواء فوق المحيطات أفضل بكثير في المحيطين الأطلسي والهندي مقارنةً بالمحيط الهادئ الشاسع.
قد يهمك أيضاً
تعتمد مجموعة البيانات الجديدة على جميع هذه المصادر.
يُقرّ العلماء بأنّ القياسات تصبح أقلّ دقةً كلما عدنا بالزمن إلى الوراء، وبالفعل، فإنّ خريطتهم لدرجات حرارة الأرض في الفترة بين عامي 1781 و1800 مليئةٌ بالثغرات.
لهذا السبب، يُشير الباحثون إلى مستوى أعلى من عدم اليقين في تقديراتهم لدرجة حرارة الأرض الحقيقية خلال تلك السنوات المبكرة.
ماذا يعني هذا الأمر؟قد يكون من المحبط التفكير بأنّ تغيّر المناخ يُشكّل مشكلةً أكبر ممّا كنّا نعتقد، أو أنّنا ساهمنا في حدوثه أكثر ممّا كنّا نُدرك.
لكنّ الأمر ليس بهذه البساطة، بحسب العلماء، إذ رأى الباحث في منظمة "Berkeley Earth" والمُطّلع على مشروع "GloSAT"، زيك هاوسفاذر، أنّ هناك الكثير من التقدّم.
لكنّه حذّر من التسرّع في الاستنتاجات والنظر إلى الاحترار المبكر كأمر يُقوّض أهداف المناخ، مثل تلك المدرجة في اتفاقية باريس للمناخ، بما أنّها تستند إلى الفترة بين عامي من 1850 و1900.
وأكّد هاوسفاذر: "أعتقد أن هذا يُخبرنا شيء ما عن الاحترار الذي سبق عام 1850، لكنّي لا أعتقد أنّه ينبغي لنا أن نُبالغ في تفسير ما يعنيه الأمر عندما يأتي الأمر لقدرتنا على تحقيق أهدافنا المناخية".
قد يهمك أيضاً
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :