اخبار العرب -كندا 24: الاثنين 8 ديسمبر 2025 10:03 مساءً (CNN) -- أحيانًا، ما يصعد إلى الفضاء لا يعود إلى الأرض، بل يصبح مشكلة، فالنفايات في الفضاء تتراكم بوتيرة مذهلة، حيث تدور ملايين القطع حول الأرض، من الأقمار الصناعية المعطلة إلى قطع صغيرة من الطلاء المتشظي، وتضطر محطة الفضاء الدولية إلى تفاديها.
وفي بعض الأحيان، تصطدم النفايات الفضائية ببعضها البعض، مما يُنتج المزيد من النفايات.
وبينما قُدمت العديد من المقترحات لتقنيات لالتقاطها وتدميرها، لم تُوضع خطة شاملة على مستوى النظام للتعامل معها بطريقة متكاملة.
ونشر باحثون في جامعة ساري البريطانية هذا الأسبوع ورقة بحثية تُحدد كيفية التعامل بشكل أفضل مع نفاياتنا الفضائية، وكانت الفكرة الأساسية: جعل الفضاء أكثر استدامة باستخدام مواد أقل، وإصلاح ما هو موجود بالفعل، وإعادة تدوير النفايات التي لا يمكن إصلاحها، والقيام بذلك بشكل منهجي على مستوى الصناعة بأكملها.
قد يهمك أيضاً
وبينما يبدو هذا الأمر بديهيًا لسكان الأرض الذين اعتادوا على مبادئ التقليل وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير، إلا أنه مفهوم "جديد نسبيًا" لصناعة الفضاء، كما قال مايكل دودج، أستاذ دراسات الفضاء في جامعة نورث داكوتا، الذي لم يشارك في الدراسة، وقال: "لم أرَ هذا المفهوم يُقدم بهذه الطريقة من قبل، إنها منطقة تحتاج إلى مزيد من النقاش".
ويوجد حاليًا أكثر من 25 ألف قطعة من النفايات الفضائية التي يزيد قطرها عن 4 بوصات تدور حول الأرض، وفقًا لوثائق وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وإذا أضفنا القطع الأصغر، يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 100 مليون.
وبشكل إجمالي، يبلغ وزن نفاياتنا الفضائية أكثر من 10 آلاف طن، وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة في 2022.
ولهذه النفايات تأثير كبير، فقد تركت الحطام شقوقًا تشبه طلقات الرصاص في الزجاج الأمامي لمكوك الفضاء "تشالنجر" خلال رحلة سالي رايد الأولى في 1983، وتعرض تلسكوب "هابل" الفضائي للاصطدام بالنفايات الفضائية في مناسبات متعددة، بما في ذلك اصطدام أدى إلى ثقب في طبق هوائيته.
وفي الوقت نفسه، أدى حادثان كبيران بين الأقمار الصناعية في 2007 و2009 إلى إنتاج ما يكفي من الحطام ليشكل الآن أكثر من ثلث جميع النفايات الفضائية المسجلة، حسبما أفادت "ناسا"، وتضرر نافذة المكوك "تشالنجر" بسبب قطعة من النفايات الفضائية في 1983.
ويكمن الخوف الأكبر وراء هذه الحوادث في متلازمة "كيسلر"، وهي خطر أن يؤدي تصادم واحد، بمجرد وجود عدد كافٍ من الأجسام في مدار الأرض المنخفض، إلى سلسلة من التصادمات التي تملأ هذا الجزء من الفضاء بكمية كافية من النفايات بحيث يصبح غير صالح للاستخدام.
ويعني تضرر الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات العالمية أن النفايات الفضائية قد تخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.95% إذا لم يتم إيجاد حل، وفقًا لورقة بحثية نُشرت عام 2023 في مجلة سياسة الفضاء.
وقال خبراء لشبكة CNN إن هناك جهودًا للتخفيف من هذه المشكلة، فقد أنشأت شركة سبيس إكس صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام. وتعمل شركة أستروسكيل على تطوير ذراع روبوتية قادرة على التقاط الأقمار الصناعية المعطلة. لكن الحلول التكنولوجية الفردية ليست كافية بحد ذاتها، كما قال جين شوان، العميد المساعد للبحث والابتكار في جامعة ساري وأحد مؤلفي الورقة البحثية.
وأضاف شوان، لشبكة CNN: "يجب أن يتبنى الناس التفكير المؤسسي، فعندما تركز على التقنيات الفردية، ستفوتك الفرص، فعلى سبيل المثال، إتقان ذراع روبوتية لإزالة الأقمار الصناعية المعطلة أقل أهمية إذا تم تصميم الأقمار الصناعية بشكل مختلف منذ البداية لتكون قابلة للتزود بالوقود، أو لتحترق في الغلاف الجوي في نهاية عمرها".
ووفقًا للتقرير، فإن نظامًا أكثر استدامة سيعمل على تنسيق التقنيات الحالية، مثل أنظمة تجنب الاصطدام المدعومة بالذكاء الاصطناعي على الأقمار الصناعية، مع أفكار جديدة مثل إعادة استخدام محطات الفضاء كمنصات لإصلاح أو إعادة تدوير النفايات الفضائية، وضمان أن تفكر الشركات والدول في كيفية إنهاء عمر أي جسم منذ لحظة تصميمه.
ورأى شوان هذه المبادئ تعمل في صناعات أخرى، وتركز أبحاثه عادةً على استراتيجيات الاستدامة في التصنيع الكيميائي، وقال إن صناعة الفضاء "ركزت على السلامة والقيمة الاقتصادية، لكن الاستدامة لم تكن أولوية، وهناك فرصة للتعلم من القطاعات الأخرى".
لكن محاولة جعل الفضاء مستدامًا تأتي مع تحديات غير موجودة على الأرض، وتسبب قوانين وسياسات الفضاء، على وجه الخصوص، تعقيدات كبيرة، كما قال دودج، الذي أضاف لـ CNNأن معاهدة الفضاء الخارجي هي الوثيقة الأساسية التي تحكم أنشطة الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال الفضاء.
وتابع أن أحد بنود المعاهدة ينص على أنه "بمجرد إطلاق جسم ما إلى الفضاء، فإنه يبقى ملكًا للجهة التي أطلقته إلى الأبد"، وهذا يعني أن كل قمر صناعي معطل، يبقى ملكًا للجهة التي أطلقته في الأصل.
وتوجد هذه القاعدة لأن لدى الدول أسبابًا تاريخية تدعو للقلق بشأن تدخل دول أخرى في أقمارها الصناعية ومحطاتها الفضائية.
وأردف دودج: "إحدى المشاكل المحتملة لأي تقنية مصممة لإعادة تدوير أو تجديد التقنيات في الفضاء، هي إمكانية استخدام هذه التقنيات نفسها كسلاح، فعلى سبيل المثال، يمكن لذراع روبوتية تعطيل قمر صناعي عسكري عامل بنفس السهولة التي تلتقط بها قمرًا صناعيًا معطلا".
ونتيجة لذلك، يُعدّ من غير القانوني حاليًا لأي دولة تنظيف الحطام الذي خلفته دولة أخرى.
وذكر دودج أنه عندما اختبرت شركة أسترو سكيل، المتخصصة في تطوير أدوات قادرة على جمع وإزالة النفايات الفضائية، تقنيتها، كان عليها مراعاة هذه القاعدة، فعلى سبيل المثال، إذا أرادت الشركة التقاط جسم مملوك للمملكة المتحدة، فيجب عليها أيضًا الانطلاق من المملكة المتحدة.
وبحسب دودج، قد يصبح إعادة تدوير النفايات الفضائية شبه مستحيلة إذا تطلب الأمر الحصول على إذن من كل دولة تمتلك هذه الأجسام قبل تنظيفها لكن جزءًا آخر من المعاهدة يلزم الدول بتجنب تلويث الفضاء، وهو ما يمكن تفسيره على أنه يعني ضرورة تنظيف النفايات الفضائية الخاصة بها، وقد يكون هذا جزءًا بالغ الأهمية في تحقيق إعادة تدوير النفايات الفضائية.
وقال شوان: "يهتم الناس بهذه الأفكار المتعلقة بالاستدامة، ويريدون تجربتها، لكن الأمر كله يتعلق بالمال وما إذا كان هناك حافز لذلك".
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




