اخبار العرب -كندا 24: الأربعاء 24 ديسمبر 2025 09:51 صباحاً تباينت التوقعات السياسية في ليبيا حول ملامح «الآليات البديلة»، التي قد تقترحها مبعوثة الأمم المتحدة، هانا تيتيه، للتعامل مع الأجسام السياسية، خصوصاً مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، بعد أن لوحت بذلك في مداخلتها أمام مجلس الأمن، سعياً إلى كسر الجمود السياسي في ليبيا.
وفي بلد يعاني انقساماً سياسياً وعسكرياً مزمناً، يراهن سياسيون على هذه البدائل بوصفها فرصة أخيرة لكسر الجمود، بعد إعلان تيتيه خلال إحاطتها في نيويورك عزمها تقديم «آلية بديلة» في فبراير (شباط) المقبل، مشددة على أن «ليبيا لا تتحمل مزيداً من التأخير».
3 سيناريوهات مرتقبةهناك ثلاثة سيناريوهات مرتقبة، حسب رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، الذي توقع «تشكيل لجنة حوار سياسي عبر تفعيل المادة (64) من الاتفاق السياسي الليبي، الموقع بمدينة الصخيرات المغربية عام 2015». أما السيناريو الثاني، وفق زهيو - وهو أحد المشاركين في الحوار المهيكل - فهو «توسيع قاعدة المشاركين في هذا الحوار بإضافة شخصيات غير ممثلة»، بينما يرتكز السيناريو الثالث على «عقد مؤتمر تأسيسي يستند إلى مخرجات لجنة استشارية ليبية سبق أن قدمت نتائجها للبعثة».
وكانت بعثة الأمم المتحدة قد أطلقت يومي 14 و15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحوار المهيكل في طرابلس، بمشاركة 124 شخصية ليبية، بهدف وضع توصيات سياسية وتشريعية في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن والمصالحة. ويميل زهيو إلى الاعتقاد بأن هذا الحوار المهيكل، وهو أحد محاور «خريطة الطريق» الأممية، «قد يتحول إلى منصة أوسع، وربما إلى مؤتمر تأسيسي، بالنظر إلى طبيعة القضايا المطروحة على جدول أعماله».
ويتوافق مع هذه الرؤية أيضاً المدير السابق لمعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية الليبية، رواد شلابي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الآلية البديلة التي قد تقترحها تيتيه تمنح أعضاء الحوار المهيكل صلاحيات محدودة للتفاهم، والتوافق على القوانين الانتخابية، كوسيلة لكسر الجمود السياسي، دون منحهم صفة سلطة تشريعية كاملة»، وهي أيضاً وجهة نظر يرجحها الباحث في الشأن الليبي جلال حرشاوي.
وحسب متابعين، فإن هذا التلويح الأممي يعكس عمق الجمود السياسي في ليبيا؛ إذ تعثر مجلسا النواب و«الأعلى للدولة» خلال خمسة أشهر في التوافق على إطار انتخابي، وتأخرا في إعادة هيكلة مجلس المفوضية العليا للانتخابات، مما أعاق تنفيذ استحقاقات حاسمة لخريطة الطريق الأممية، التي طرحتها تيتيه أمام مجلس الأمن في أغسطس (آب) الماضي.
تلويح بـ«الآليات البديلة»يرى سياسيون أن تلويح الأمم المتحدة باللجوء إلى «الآليات البديلة» سيظل في إطار التصريحات والضغوط السياسية، الهادفة إلى دفع الأطراف الليبية نحو التوافق، وهي وجهة نظر المحلل السياسي الليبي، رمضان شلبق، الذي قال: «ستفضي توصيات ومقترحات الحوار المهيكل إلى وضع خريطة طريق جديدة، تُعرض على مجلس الأمن لاعتمادها، تتضمن تشكيل حكومة واحدة تتولى تنفيذ هذه الخريطة، والإشراف على الاستعدادات لإجراء الانتخابات».
حديث تيتيه الأخير عن «الخيارات البديلة» ليس الأول، إذ سبق أن أكدت أمام مجلس الأمن في 14 أكتوبر (تشرين الأول) استعداد البعثة لتقديم هذه الخيارات استناداً إلى توصيات اللجنة الاستشارية إذا وصل النهج الحالي إلى طريق مسدود. وقالت تيتيه في إحاطتها الأخيرة إنه «لا ينبغي أن تُؤخذ العملية السياسية رهينة تقاعس الأطراف السياسية الفاعلة الرئيسية، التي تبقي على الوضع الراهن، سواء عن قصد أو غير قصد، وقد ذكرتُ في إحاطتي الأخيرة أنه إذا لم تُحرز المؤسستان تقدماً في أول مرحلتين من خريطة الطريق السياسية، فسوف يكون ذلك مدعاة لنا للبحث عن آلية بديلة، وسأطلب الدعم من هذا المجلس».
ووفق رؤية زهيو، فإن تحركات المبعوثة الأممية اتسمت بـ«التدرج والتوازن»؛ إذ بدأت في أغسطس الماضي بالإعلان عن تفاصيل خريطة الطريق، ومنح مهلة دون التطرق إلى بدائل، ثم لوّحت بها في أكتوبر الماضي، وصولاً إلى إعلانها صراحة في ديسمبر أمام مجلس الأمن.
ويستنتج زهيو أن تيتيه «كانت تحمل توقعاً مسبقاً لصعوبة إنجاز المجلسين لهذه المهام خلال الآجال المحددة، لكنها حرصت على منح تلك المهل لإبراز عجز المؤسسات القائمة أمام المجتمع الدولي والأطراف المحلية».
وفي ظل الرهانات المتصاعدة على آليات فك الجمود في المشهد السياسي الليبي، يبرز دور مجلس الأمن المحتمل في النظر بخيارات بديلة، قد تطرحها المبعوثة الأممية خلال فبراير المقبل.
ويرى شلبق أن الرهان الحالي هو «جدية القوى الكبرى الفاعلة في المشهد الليبي في فرض خريطة طريق بمجلس الأمن، بعد تأمين توافق مع روسيا والصين لتفادي أي استخدام لحق النقض (الفيتو)».
أما شلابي، فيتوقع أن «روسيا قد تمتنع عن التصويت حال طرح هذه الحلول، فيما قد تتخلى الصين عن موقفها السابق بالامتناع».
وإجمالاً، يبدو أن مجلس الأمن بات أمام «اختبار سياسي حقيقي» أو «حرج دبلوماسي» وفق تعبير زهيو، بعدما طرحت تيتيه «جداول زمنية واضحة ومسارات محددة»، متوقعاً أن تضع المبعوثة خطة بديلة بالتوازي مع مسار الحوار المهيكل، لا سيما في مسار الحوكمة المعني بوضع آليات لمعالجة القضايا الجوهرية خلال جلسات يناير (كانون الثاني) المقبل.
وانتظاراً لجلسة فبراير المقبل، يبدو أن «الوقت يضغط على مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) اللذين يجمعهما - رغم خلافاتهما - خطر مشترك»، وفق متابعين، وهي أيضاً وجهة نظر زهيو الذي يأمل «أن يسلك المجلسان منطق العقل لإنجاز مهمتهما الوطنية، وتجنُّب العودة لحوارات عقيمة مشابهة لتجارب الصخيرات 2015 وجنيف 2020».
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :